سورة الشعراء 026 - الدرس (3): تفسير الأيات (023 – 068)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سورة الشعراء 026 - الدرس (3): تفسير الأيات (023 – 068)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     سورة الشّعراء

New Page 1

تفسـير القرآن الكريم ـ سـورة الشّعراء - (الآيات: 023 - 068)

02/10/2011 18:07:00

سورة الشعراء (026)
الدرس (3)
تفسير الآيات: (23 – 68)
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
          الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ،  اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
          في القرآن الكريم قواعد نظرية ، وفيه تطبيقات عملية ، القواعد النظرية كثيرة جداً ، والقصص تطبيقات عملية للقواعد النظرية ، فربنا سبحانه وتعالى يقول :
 
 
﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
                                                                                (سورة هود)
          والله الذي لا إله إلا هو لو لم يكن في القرآن إلا هذه الآية لكفت :
 
﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
          تدور الأيام ، يسعد أناس ، ويهبط آخرون ، الأحوال لا تستقر إلا على هذه القاعدة :
﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
          وقد يكون الخصمان المتصارعان لا تناسب بين قوتيهما ، فرعون ورجل مستضعف من بني إسرائيل ومع ذلك :
 
﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾
                                                                           (سورة القصص 8)
          لذلك إذا كنت مع الله فأنت الرابح دائماً ، والنهاية لك ، والعاقبة لك ، والسعادة لك ، والتوفيق لك ، وأن تظهر على خصومك لك، وإذا كنت مع غير الله مهما علا شأن الإنسان فلا بدّ أن يدمر ، لأنه اعتز بغير الله ، لذلك ورد في الأثر القدسي :
(( ما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته ، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه )) .
( ورد في الأثر)
من كان مع الله لم يخف من شيء :
          فيا أيها الأخ الكريم ... اعتصم بالله ، توكل على الله ، قل له في مناجاتك له : يا رب ليس لي إلا أنت ، ليس لي أحد ، لكنك إذا كنت معي فلا أحد يستطيع أن ينالني بسوء ، إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فإن أقرب الناس يتخلى عنك ، لو أن الأمة اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو أن الأمة اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ،
 
﴿ مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا ﴾
                                                                               (سورة فاطر)
          علاقتك كلها مع الله ، علاقتك جملة وتفصيلاً ، يعني أجهزتك لو أن الكلية توقفت عن العمل لابدَّ من ثلاثين ساعة غسيل ، وستين كيس سيروم ، مبلغ ضخم كل أسبوع مرتين ، تصبح الحياة جحيماً ، بيد من هذه الكلية ؟ بيد الله عز وجل ، صمام القلب بيد الله ، الأوردة مرونتها تصلبها المواد المتعلقة بجدرانها من الكولسترول بيد الله عز وجل ، الدماغ نمو عشوائي في الدماغ تصبح حياة الإنسان جحيماً ، فالإنسان مفتقر إلى الله في مليونِ مليون جزء في جسمه ، وأهله وأولاده ، لو جاءه ابن معتوه يجعل هذه الأسرة في جحيم مستمر ، لو أن ابنه فيه عاهة دائمة ، لو أن مرضاً عضالاً أصاب أهله ، الإنسان تحت ألطاف الله عز وجل ، فإذا قال : أنا ، يكون جاهلاً ، يا رب ليس لي إلا أنت هذا فضلك وكرمك .
          هذه القصة تبين لو أنك أقوى أقوياء الأرض ، وأراد الله أن يسلبك هذه القوة لسلبها منك ، وأنت لا تدري ، لو كنت أغنى أغنياء الأرض ، وأراد الله أن يفقرك لا بدّ من أن تفتقر .
 
﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾
                                                                                (سورة الرعد)
          لذلك هذه القصة لو أنها وقعت ، وانتهت ، لكنها درس لا ينقضي، ملخص هذا الدرس :
 
﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
                                                                                (سورة هود)
          إذا كان الله معك فمن عليك ؟ إذا كنت معتصماً بالله ، إذا كنت مستقيماً على أمره ، إذا كنت تسعى لرضاه ، إذا كنت تقيم أمر الله عند الحلال والحرام ، إذا كنت تعظم أمر الله عز وجل ، إذا كان الله عظيماً في نظرك ، أما إذا هان الله عليك هنت عليه ، إذا هان أمره عليك هانت معصيته عليه ، وهان غضبه عليك ، وهان سخطه عليك ، وهان إبعاده لك عليك ، عندئذ تهون عليه ، وعندها يعيش الإنسان حياة لا يحسد عليها أبداً .
          فيا أيها الإخوة الأكارم ... القصة معروفة فيها تفصيلات دقيقة ، لكن أتمنى عليكم أن تقفوا عند كل دقيقة من دقائقها ، عند كل جزئية من جزئياتها ، عند كل موقف ، كن مع الله ولا تبالي .
كن مع الله تر الله معك    واترك الكل و حاذر طمعك
و إذا أعطاك من يمنعه    ثم من يعطي إذا مـا منعك
*  *  *
مواجهة موسى لفرعون بحقيقة ربوبية الله :
          فرعون حينما قال له سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قال :
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
     لم يقل : ومَن رب العالمين ، هو لا ينكر وجوده ، ولكن ينكر شأنه ، وقال فرعون في آيات أخرى :
 
﴿ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى﴾
                                                                             (سورة النازعات)
          هو يدعي أنه رب قومه ، رب مصر ، فلما قال له : رب العالمين ، قال :
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
      فقال سيدنا موسى : رب السماوات والأرض ، يعني أقرب نجم ملتهب لو أردت أن تصل إليه بسيارة لاحتجت إلى ما يقارب خمسين مليون سنة ، أقرب نجم يبعد عنا أربع سنوات ضوئية ، تحتاج إلى أن تصل إليه ما يقارب خمسين مليون سنة ، وأنت تقود هذه السيارة ، لو عشت مئة سنة ، يعني الإنسان وابنه وابن ابنه ، إلى خمسين مليون سنة تقسيم مئة ، خمسة وأربعة أصفار يعني خمسين ألف جيل ، من أجل أن تصل إلى أقرب نجم ملتهب إلى الأرض ، وما رب العالمين ، نجم القطب أربع سنوات ضوئية ، والمرأة المسلسلة مليون سنة ضوئية ، وأحدث مجرة اكتشفت ستة عشر ألف سنة ضوئية ، قال :
 
﴿  قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ *قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
الله رب الكون جميعا :     
      وهذا الذي عرفه العلماء عن الكون شيء محدود جداً ، وكلما عرفوا شيئاً تبدى لهم أشياء ، لذلك الإمام الشافعي يقول : كلما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي .
      أحد كبار العلماء يقول : لم تبتل بعد أقدامنا ببحر المعرفة ، وكلما تعمق الإنسان رأى جهله ، ورأى ضآلة علمه ، لأن الله عز وجل يقول :
 
﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا
                                               
                              (سورة الإسراء)
﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ﴾
                                                                          (سورة البقرة 255)
 
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
     هذه الشمس الملتهبة حرارتها في مركزها عشرون مليون درجة ، في السطح ستة آلاف درجة ، قبل أسبوعين الحرارة تسع وأربعون درجة ، الناس قالت : حر لا يطاق ، ستة آلاف درجة على السطح ، ألسنة اللهب طولها نصف مليون كيلو متر ، الألسنة فقط ، حول الأرض كلها أربعون ألف كيلو متر ، خمسمائة ألف كيلو متر طول لسان اللهب ، محيط الأرض أربعون ألف كيلو متر ، أيْ اثنا عشر مثل من محيط الأرض طول لسان اللهب من الشمس ، ولو أن الأرض ألقيت في الشمس لتبخرت في ثانية واحدة .
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
       وهذا نجم العقرب ، برج العقرب ، قلب العقرب الذي يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر.
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
        اعرف الله أولاً ، تفكر في خلق السماوات والأرض عندئذ تعرف أن كلمة الله تجعلك تخر له ساجداً ، تفكر في خلق السماوات والأرض ، مليون مليون مجرة هذه أحدث أرقام ، وفي كل مجرة مليون ملْيون نجم ، يعني لو أن غرفة في الشتاء أردت أن تكنسها ، وقد دخلت إليها أشعة الشمس لرأيت في سماء الغرفة ذرات عالقة ، ما الأرض بالنسبة إلى جزء من الكون إلا كذرة عالقة في سماء هذه الغرفة ، والأرض نفسها ، يمكن سوريا على الكرة الأرضية لا يتسع حجمها لكلمة ( DMASCUS ) ، لا تكفي ، لو أحبوا أن يضعوا العاصمة ، واسمها بالإنكليزي لا يتسع حجم سوريا كلها على كرة أرضية لاسم العاصمة .
         في بلاد آسيا وإفريقيا وأمريكا وأوربا وأقيانوسيا والقطبين وكل هذه اليابسة ، خمس البحر ، والبحر أربعة أخماس .
 
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴾
إنكار فرعون ربوبية الله :
     لأن فرعون يطرح على الناس أنه إله ، وأنه ربهم ، وأنه إلههم ، فإذا قال سيدنا موسى : إنّ هناك إلها عظيمًا ، رب السماوات والأرض ، هو لا يحب أن يقبل ذلك ، يريد أن ينكر ذلك ، فقال ما هذا الكلام ، وفي آية أخرى قال :
 
﴿  وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
                                                                          (سورة القصص 38)
     ما رب العالمين ؟ فقال سيدنا موسى :
 
 
﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾
رَبُّكُمْ وربُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِين
       ليس فقط رب السماء ، بل وربك أنت أيها الملك ، ربكم أنتم يا قوم فرعون ، يعني هو رب السماوات والأرض أوجدها ، وأمدها ، وسيرها ، وربكم أنتم ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
                                                                              (سورة الزخرف)
       هو فعلاً رب السماوات والأرض ، رب هذه المجرات ، رب هذه الكازارات ، رب هذه المذنبات ، رب هذه النجوم الملتهبة ، رب هذه الكواكب المنطفئة ، رب هذه السيارات التي تسير حول بعضها بعضاً ، رب هذا الفراغ الكبير ، رب هذه المواقع الشاسعة .
 
﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾
        ما وسع فرعون بعد أن سمع هذا الكلام الذي يلغي دوره ، يلغي ربوبيته المزعومة ، يلغي ألوهيته ، ما وسع فرعون إلا أن يقول :
 
﴿قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾
اتهام فرعون موسى بالحنون :
      ولكن المجنون كما قال عليه الصلاة والسلام من عصى الله ، حينما رأى مجنوناً سأل أصحابه سؤال العارف من هذا ؟ قالوا : مجنون ، فقال : لا .. هذا مبتلى ، المجنون من عصى الله ، فهذا الذي يمشي في طريق مسدود هو مجنون ، هذا الذي يمشي في طريق ينتهي إلى هاوية مجنون ، لكن الذي يمشي في طريق سالك إلى جنة عرضها السماوات والأرض هو عاقل ، لذلك والله الذي لا إله إلا هو أقلُّ مؤمن على وجه الأرض يعدُّ أذكى من أكبر شخصية كافرة ، لأن الكافر حياته عريضة ، لكن هذا الطريق العريض ينتهي بهاوية سحيقة ، بينما المؤمن لو أن الطريق التي هو بها ضيقة لكنها نافذة إلى جنات ربه ، لذلك :
 
﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُو لاَقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْمُحْضَرِينَ﴾
                                                                             (سورة القصص)
 
﴿قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾
      عندئذ قال سيدنا موسى :
 
﴿قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا
الله ربُّ المشرق والمغرب وما بينهما :
     هذه الشمس من حركها ؟
 
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾
                                                                                (سورة البقرة)
     أقوى أقوياء الأرض لو اتخذ قراراً بأن تطلع الشمس من مغربها هل يستطيع ‍! لو اجتمعت دول الأرض على أن تصمم أن تشرق الشمس من مغربها مستحيل ، الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الشمس ، وخلق القمر ، وخلق الأرض وحركهما .
 
﴿ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾     
العقل هو القوة الإدراكية :
      يعني اعقلوا ، هذا العقل ، هذه الجوهرة الثمينة لا ينبغي أن تبقى شاردة ، لا ينبغي أن تعطل ، هذه القوة العقلية الإدراكية لا ينبغي أن تعطل ، مع الأسف الإنسان يوظف فكره وعقله في كسب المال فقط ، أو في الاحتيال ، أو في الإيقاع بين الناس ، ولا يسخر الإنسان عقله لمعرفة ربه ، والعقل أساساً حينما خلق الله السماوات والأرض قال :
 
﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾
                                                                               (سورة الرحمن)
        أعطاك ميزاناً ، أعطاك هذا الميزان من أجل أن تعرف ربك فعطلت هذا الميزان ، أو استخدمته في أغراض أخرى .
 
﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
       تعرفون أن الله سبحانه وتعالى رب المشرق والمغرب ، وتعرفون أن الله سبحانه وتعالى ربكم ورب آبائكم الأولين ، تعلمون أن الله سبحانه وتعالى رب السماوات والأرض .
       يبدو أن فرعون أُسقط في يده ، وأقيمت عليه الحجة ، ولم يدر ماذا يفعل ، عندئذ استنجد بقوته ، الإنسان حينما يضعف في المنطق .. في المحاورة .. في المناقشة إما أن يستخدم قوته إن كان قوياً ، أو أن يستخدم لسانه في السباب إن كان ضعيفاً ، إذا حصل نقاش حادّ بين اثنين حينما ينهزم أحدهما ، فهذا المهزوم إن كان ضعيفاً يستخدم لسانه البذيء ، وإن كان قوياً يستخدم قوته ، ويبدو أن فرعون حينما انهزم أمام سيدنا موسى في المناقشة والحجة قال :
 
﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾
ردُّ فرعون بسلاح التهديد والوعيد :
       هل هذا رد علمي على هذه الطروحات ؟هذا رد لا علاقة بها ، هذا الرد لا يتناسب مع هذا الحوار ، هو يؤكد له أن الله هو رب السماوات والأرض ، أعندك دليل ينفي ذلك ، هو يؤكد أن الله ربكم ورب آبائكم الأولين ، أعندك يا فرعون دليل ينقض ذلك ؟! هو يؤكد أن الله سبحانه وتعالى رب المشرق والمغرب ، أعندك يا فرعون دليل ينقض ذلك ؟! جاءه فقال :
 
﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾
       ما علاقة هذا الكلام بهذا الحوار ؟ إنه استنجد بقوته ، عندئذ سيدنا موسى قال له قولاً أحرجه ، على أن الإنسان القوي لا بدّ أن يستعين مع قوته بفكرة ، أو نظرية ، أو بمبدأ ، أو بعقيدة ، لأن القوة وحدها لا تكفي ، الإنسان يحتاج إلى قوة ، وإلى فكر ، أو إلى عقيدة ، أو إلى مبدأ يغطي هذه القوة ، فقال له موسى :
 
﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ﴾
موسى يقترح على فرعون دليلا ماديا قاطعا بصدق رسالته :    
        لو أنني جئت بدليل قاطع على ما أقول ، أنا أقول لك : إني رسول من رب العالمين ، أنا أزعم أني رسول ، فما قولك يا فرعون لو أتيتك بالدليل القطعي ؟ طبعاً لو كان النقاش بين فرعون وسيدنا موسى وحده لانتهى الأمر ، ولكن النقاش بين ملأ ، لذلك وقع فرعون كما يقولون في حيص بيص ، بما أنه في عرض قطعي .
 
﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ﴾
         أو لو جئتك بدليل قطعي على أني رسول ، أولو جئتك بدليل قطعي على أني صادق فيما أقول ، أو على أن الله هو رب العالمين ، ولست أنت .
  
﴿ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾     
 
      وضعه في زاوية ضيقة في الحوار ، وأحرجه ، وجعله أمام من حوله ، أمام الملأ في موقف حرج ، فاضطر فرعون أن يقول :
 
﴿قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾
فرعون يتحدى موسى عليه السلام :
الآيات الكونية لا حصر لها ولا عدّ :
      سيدنا موسى ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، والحقيقة أن هناك آلافَ الآيات الكونية الدالة على عظمة الله ، حينما تلد الأنثى غلاماً صغيراً أليست هذه آية عظيمة ، لكن سبحان الله الأشياء التي تتكرر يألفها الناس ، أيها الزوج ألا تعلم أن هذا الطفل الصغير كان نطفة من ماء مهين ، حوين منوي واحد لقح بويضة أصبح هناك غلام فيه دماغ ، فيه مئة وأربعون مليار خلية سمراء ، أربعة عشر مليار خلية قشرية في الدماغ ، في الجمجمة مفاصل منكسرة لتلقي الصدمات ، ونخاع شوكي ، و عمود فقري ، وقلب له أربعة تجاويف ، دسامات ، رئتان ، ومعدة ، وأمعاء ، كبد ، وصفراء ، وبنكرياس ، وغدد صماء ، وكليتان ، وكظران ، وعظام ، وفيه معامل كريات دم حمراء ، وعضلات ، ومواد شحمية ، وجلد ، فهذا الغلام الصغير الذي يبكي يبحث عن ثدي أمه ، فيشرب الحليب ، ويتحول هذا الحليب إلى لحم وعظم ، ينمو وزنه أليست هذه آية دالة على عظمة الله ! ولكن الناس ألفوها ، وهذه المشكلة.
      شروق الشمس أليس آية ؟ أن تلقي في الأرض بذرة ، فإذا هي نباتٌ يعطيك من الخضراوات والثمار ما لذّ وطاب ، هذه الفواكه الطيبة سكرية الطعم ، ذات اللون الجميل ، والرائحة الطيبة ، والقوام المعتدل ، والغذاء ، والفيتامينات و، و، و ، هذه من التراب يد من صنعتها ؟ أليست هذه آية ؟!
          هذا الحليب الذي تشربه ، هذه البقرة كيف تحول الدم إلى حليب ، أربعمئة حجم من الدم تحتاج البقرة كي تصنع لتر حليب منه ، أربعمئة حجم من الدم تجول حول الغدد الثديية من أجل تصنيع لتر حليب واحد ، هذا المعمل الذي تحت سمعنا وبصرنا ، أليس آية قاطعة دالة على عظمة الله ؟! من جعل هذا الحليب متناسباً مع بنية الجسم ؟ مواد سكرية ، ومواد دهنية ، ومواد شحمية ، ستة عشر معدنًا ، ثمان فيتامينات ، مواد بروتينية ، من جعل هذا ! هذا الحليب الغذاء الكامل ، يعني البقرة نفسها تعرف ذلك ، هل البقرة تعرف احتياجات الجسم ؟ وهل هذا الحليب لابن البقرة أم للإنسان ؟ للإنسان ، لأن عجلها ربما لا يحتاج لأكثر من كيلوين ، لكن هذه الكمية الكبيرة أربعين إلى خمسين ، والآن هناك بقر يحلب ستين كيلوًا في اليوم ، من أجل ابنها العجل ؟ هذه البيضة ، آيات كثيرة ، ولكن سبحان الله صار ذلك شيئاً مألوفاً ، الأشجار ، القمح ، الأسماك ، الرياح ، الأمطار ، البحار ، ملايين مَلايين ملايين الآيات الدالة على عظمة الله ، ولكن الإنسان أحياناً هذا كله مألوف عنده ، لعدم التفكر ، للانهماك في الدنيا يصبح شيئاً مألوفاً ، قال :
  
﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾      
معجزة تحو‍ّل العصا إلى ثعبان وخروج اليد من الجيب بيضاء :    
      إنّ تحوّلَ العصا إلى ثعبان شيء فوق طاقة البشر ، شيء لا يستطيعه البشر ، هذه هي المعجزة ، وخرق للعادات على يد نبي أو رسول ، لأن هناك تحديًا ، هناك من يكذبه ، فلا بدّ أن يأتي بشيء لا يستطيعه البشر مجتمعين ، إذاً كأن الله سبحانه وتعالى يقول لهؤلاء : إن هذا الإنسان رسولي ، والدليل هذه المعجزة ، فألقى عصاه ، ليست هي كالثعبان ، لو كان ساحراً إذا هي كالثعبان ، فخيل لهم من سحرهم أنها تسعى ، هذا تخييل ، السحر شيء ، والمعجزة شيء آخر ، من أتى كاهناً فقد كفر ، من أتى ساحراً فقد كفر ، من أتى ساحراً فلم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً ، ولا دعاء أربعين ليلة .
      إذا كان الإنسان في نزهة ، وأراد أن يتسلى بالودع أو نجمة ، فهذا شيء مخالف للقرآن ، إنك إن صدقت الكاهن كفرت بمحمد ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول :
 
﴿ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ﴾
                                                                             (سورة النمل 65)
      فالذي يقول لك : سوف تفعل كذا وكذا ، هذا غيب ، والذي يأتي الساحر لا ليصدقه ، بل ليتسلى ، اجعل التسلية في شيء آخر ، من أتى ساحراً فلم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً ، ولا دعاء أربعين ليلة.
 
﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾
       كلمة ( فإذا ) هذه إذا الفجائية ، يعني لم تكن حية ، ولكنه قد سكنها ، أو جمدها ، ثم حركها ، لا ، كانت عصا ، ألقى عصاه فإذا هي فجأة ثعبان كبير مبين واضح كالشمس ، ونزع يده من تحت إبطه فإذا هي بيضاء للناظرين ، يد تتألق كالمصباح ، فرعون قال :
 
﴿قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾
اتهام فرعون موسى بالسحر بعد رؤيته المعجزة :     
     طبعاً فوجئ فرعون ، ودهش ، وصعق ، فعلاً إنه شيء فوق طاقة البشر ، عصا بيده ، فإذا هي ثعبان مبين ، وتصبح يده مصباحاً متألقاً ، فإذا هي بيضاء للناظرين .
 
﴿قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾
      من كلمة ( عليم ) يتضح أن فرعون هالته هذه المعجزة ، لكنه يكابد ، ولا يرضى أن يعترف أنه رسول ، يقول : إن هذا لسحار ، ولكنه عليم من مستوى رفيع .
 
﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ﴾
انظروا إلى الانهيار المفاجئ .
 
﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
مشاورة فرعون قومه في شأن موسى    
      متى كان فرعون بهذه الأخلاق ؟ متى كان فرعون يخاطب قومه الذي قال لهم : أنا ربكم الأعلى ، متى يقول لهم : ماذا تأمرون ، في القصة انهيار مفاجئ ، لأنه فَقَدَ الحجة ، وسيدنا موسى لما ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، وحين نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين أعطى معجزتين لا يستطيع بنو البشر مجتمعين أن يفعلوها ، وأن يأتوا بهاتين المعجزتين ، عندئذ أسقط في يد فرعون ، أما هذا الهبوط المفاجئ في الموقف من قوله : أنا ربكم الأعلى ، ومن قوله : ما علمت لكم من إله غيري إلى قوله :
 
﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
ماذا نفعل ؟ فقال الملأ من حوله :
  
﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾
إجماع فرعون وقومه على مواجهة موسى بالسحر :  
     يعني أخِّرْه قليلاً ، هذا سحر ، هم ركبوا رؤوسهم ، وقالوا : هذا سحر ، ونحن عندنا سحرة ، فنجمع السحرة في أرجاء البلاد ليقفوا في وجهه ، وليثبتوا أنهم أعلم منه في السحر .
 
﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴾
     سحّار صيغة مبالغة على وزن فعّال ، إنّ هذا لساحر عليم ، كلمة ساحر اسم فاعل ، لكن سحّار صيغة مبالغة لاسم الفاعل ، يعني يأتوك بكل سحّار عليم ، أعلم مِن هذا الذي يدعي أنه رسول .
          طبعاً هنا قفزة في القصة ، أرسل فرعون رجاله وجنوده في أرجاء البلاد ، وفي مختلف الأقاليم والأصقاع ، وجمع كل ساحر عليم ، بل كل سحّار عليم .
 
﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾
تحديد موعد التحدي :
     فكان هناك لقاء مع فرعون .
 
﴿وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ ﴾
      المشكلة أنه توقع أن هؤلاء السحرة الذين سيجمعهم سينتصرون على سيدنا موسى ، إذاً لا بدّ أن يكون هذا الانتصار أمام جمع غفير من الناس ، وما كان يدري أن هذا الجمع الغفير الذي سيشهد هزيمة السحرة لن يكون إلى جانبه عندما يتأكدوا أن هذا نبي .. وأن هذا الإنسان نبي ورسول من رب العالمين .
 
﴿وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ﴾
      يعني غلب على ظن فرعون وملأه أن هؤلاء السحرة الذين جمعهم فرعون سيحبطون سحر سيدنا موسى على حدّ زعمهم ، وينتصر باطلهم على الحق .
 
  طلب السحرة من فرعون: أجر غلبة موسى
﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾ 
     يعني هذا ما ثمنه ؟ هؤلاء السحرة الآن أجراء منتفعون ، هؤلاء السحرة أناس يعملون لا لمبدأ ولا لقضية ، إنما يعملون ليقبضوا ثمناً باهظاً لسحرهم .
  
﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾      
يعني كم تدفع لنا يا فرعون ؟ ما هي الأشياء المغرية التي تغرينا بها حتى نفعل ؟
 
﴿قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾
تشجيع فرعون السحرة بتقريبهم إليه حال الفوز :
     أنتم إذا انتصرتم على موسى سوف أعطيكم عطاءاً جزيلاً ، وسوف أجعلكم في قصري ، أي مستشارين ، طبعاً القصة فيها قفزات فنية ، أي هذان السطران يردان شهرين أو ثلاثة بين إرسال الجنود والأتباع ، وجمع السحرة ، وجمع السحرة مع فرعون ، ودعوة الناس إلى هذا اللقاء الحافل ، ومساومة السحرة مع فرعون ، هذه كلها في كلمات قليلة .
 
﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا﴾
  
بدء التحدي والمواجهة الميدانية وثقة موسى بالفوز :
      واثق من نفسه ، واثق أنه نبي ، وأن هذا الذي سيفعله ليس سحراً ، ولا خديعة ، ولا تخيلاً ، ولا تخييلاً ، إنما هو حق من الله تعالى .
 
﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ﴾
      في بعض التفاسير : أن هؤلاء السحرة جعلوا في حبالهم التي طلوها بما يشبه الأفعى أو الثعبان جعلوا الزئبق ، وجعلوا هذه العصي والحبال فوق أرض حارة ، فلما تمدد الزئبق حرك الحبال فبدت كأنها تسعى .
 
﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ﴾


 

قال أحدهم :
اجعل لربك كل عــزك    يـستـقـر ، ويثبت
فـإذا اعتـززت بـمن    يموت فإن عزك ميت
*  *  *
سيدنا موسى واثق من نفسه .
 
﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ﴾
       هنا نقطة مهمة جداً : لو أن هذا النبي الكريم ألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، كما تخيلوا أن العصي والحبال تتحرك ، يدعون أنهم توهموا أن هذه العصا بفعل السحر تتحرك ، ولكن الله شاءت حكمته أن عصا سيدنا موسى التي أصبحت ثعباناً مبيناً أكلت كل حبالهم وعصيهم ، لأنها لو كانت قضية تخيل أو سحر لبقي ثعبان سيدنا موسى الذي كان عصا قبل قليل ، وبقيت الحبال والعصي ، يعني هذا يتحرك ، وهذا يتحرك.
 
﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ﴾
ابتلاع ثعبان موسى لكل ألاعيب السحرة  :
      تلقف بمعنى تبتلع ، يعني أسرع طريقة في التهام الطعام تلقف ، يعني كل حبل بلقمة واحدة .
 
﴿فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾
 
     السحرة يعلمون أنهم سحرة ، وأنهم ما فعلوا إلا بعض الخدائع ، بعض أنواع الخديعة البصرية ، أما هذا ثعبان حقيقي ، وهذا الثعبان أكل كل حبالهم وعصيهم ، فعندئذ :
 
﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾
سجود سحرة فرعون إيمانا بالله وإقرارا بالهزيمة :
     الصلحة بلمحة ، تحولوا في لمح البصر من عملاء إلى فرعون .. من أجراء إلى مؤمنين مصدقين .
 
﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
     هذا ليس من فعل البشر ، عصاه تصبح ثعباناً ، وتأكل كل الحبال والعصي ، هذا من فعل الله خالق الكون .
 
﴿قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾
عندئذ كاد فرعون يتميز غيظاً .
 
﴿قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ
تهديد فرعون السحرة بأبشع أنواع القتل :
       فقال لهم : آمنتم له ، الدقة في اللغة لم يقل آمنتم به ، بل آمنتم له ، يعني أنتم آمنتم ، أي انحزتم إلى جانبه انحيازًا هكذا ، لمصلحة ، لاتفاق سري لا أعلمه ، آمنتم له .
       لو فرضنا إنساناً دجالاً ، شخصًا ما آمن له حتى يوهم الناس أنه على حق ، أحيانا بعض الذين يلعبون ليبتزوا أموال الناس يكون حولهم أناس من طرفهم ، يعطونهم المال الوفير على أثر ألعاب ، فالمتفرج يصدق ذلك ، فهذا يؤمن له ، ولم يؤمن به ، أن تؤمن لإنسان أن تنحاز له لمصلحة ما ، ففرعون ما صدق أن هؤلاء السحرة آمنوا به ، بل آمنوا له ، آمنتم به أي صدقتموه ، أما آمنتم له أي جاملتموه .
 
﴿قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ
ما استأذنتموني في الإيمان .
 
﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾
    يعني أنتم سحرة ، وهو ساحر ، لكنه ساحر كبير .
 
﴿  فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
    بدأ التهديد .
 
﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾
    يعني أقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى .
 
﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
     هذا الموقف المدهش ، أن هؤلاء السحرة الذين كانوا قبل قليل أجراء عند فرعون جاؤوا ليأخذوا ماله ، وجاؤوا ليأخذوا على عملهم أجراً وفيراً ، آمنوا إيماناً عظيماً وكان إيمانهم حملهم على أمر خطير .
 
﴿قَالُوا لَا ضَيْرَ﴾
صبر السحرة على أذى فرعون وحسن ظنهم بالله :
      يعني افعل ما بدا لك ، افعل ما تشاء ، اقطع أيدينا وأرجلنا من خلاف ، صلبنا في جذوع النخل ، آمنا برب العالمين ، لذلك من عرف الله زهد فيما سواه .
 
﴿قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾
      نحن آمنا ، وسننقلب إلى الله ، أي نرجع إليه ، نتوجه نحوه ، نتوب إليه ، نقبل عليه ، نسعد بقربه ، افعل أنت ما شئت أن تفعل ، والحقيقة لا شيء إلا الله ، يعني لا إله إلا الله هذه الحقيقة ، لا رافع ، ولا خافض ، ولا معز ، ولا مذل ، ولا معطي ، ولا مانع إلا الله .
 
﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾
     يعني لنا خطايا كثيرة ، فلعلنا بهذه التوبة نطمع أن يخفر لنا ربنا خطايانا .
 
﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
 
فكانوا هم السابقين في إيمانهم بالله عز وجل .
 
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾
تخطيط فرعون لقتل موسى وأتباعه :
     يبدو أن الله سبحانه وتعالى علم أن فرعون بلغ من الغيظ الدرجة القصوى ، ولا بدّ أن يبيدهم عن آخرهم ، فأوحى الله إلى سيدنا موسى أن أسرِ بعبادي إنكم متبعون .
 
﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾
    هنا يوجد تناقض في كلام فرعون ، أرسل ليحشر كل جنوده.
 
﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ﴾
     إذا كان هؤلاء شرذمة قليلين هل تحتاج أنت إلى أن تحشر كل الجنود ، فثمة شيء معلن ، هو يريد أن يقلل من شأنهم ، لكن في الحقيقة يخافهم .
 
﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ﴾
 
       هنا جاءت اللحظة الحاسمة ، فمِن أربعين أو خمسين سنة فرعون يقول أنا : ربكم الأعلى ، الآن جاء الحساب .
 
﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾
مرحلة الانتقام من فرعون وقومه ونصر موسى ومن معه :
      عندما خرج سيدنا موسى مع قومه من مصر باتجاه الشرق ، باتجاه البحر الأحمر جمع فرعون جنده وقواته ، واتبعهم ليقتلهم ، وقال :
 
﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾
 
      على كلٍّ الله سبحانه وتعالى استدرج فرعون بهذه الطريقة ، فلما أوحى ربنا إلى سيدنا موسى أن أسرِ بعبادي إنكم متبعون استدرج فرعون وجنوده .
 
﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
      قال العلماء : إما أن بني إسرائيل عادوا إلى ما كان عليه فرعون من جنات ، وعيون ، وكنوز ، ومقام كريم ، أو أنهم عادوا إلى مثل هذه النعم بعد أن نصرهم الله عز وجل ، كلا الرأيين صحيح .
 
﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ﴾
اتباع فرعون مع جنوده آثار موسى وأتباعه إلى شاطئ البحر :   
     تبع فرعون موسى ، فالمشكلة الآن أن سيدنا موسى وقومه متجهون باتجاه الشرق ، الشرق فيه البحر الأحمر ، وفرعون وما فرعون ، وقوته ، ومن حشرهم ليكونوا معه وراء سيدنا موسى وقومه ، قوم سيدنا موسى إيمانهم متفاوت ، إنسان يرى أنه في الطريق إلى البحر ليس معه سفينة ، ولا قارب ، ولا عدة ، ووراءه فرعون بكل قوته فالموت محقق ، العدو من ورائكم والبحر من أمامكم .
 
﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ﴾
     لما رأى فرعون وقومه ، ومن حشرهم سيدنا موسى وقومه ، وكانوا على وشك أن يلحقوا بهم والبحر من أمامهم فلا بدّ أن يقبض عليهم ، ولا بدّ أن يبيدهم عن آخرهم .
 
﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
صبر موسى وحسن ظنه بالله :
     بالمنطق هذا البحر ، وهذا فرعون ، ونحن ضعاف ، وهو أقوى منا ، سيدنا موسى قال :
 
﴿قَالَ كَلَّا﴾
     مستحيل ، فإنّ الله وعدني بالنجاة ، أحياناً يعد الله عز وجل المؤمن بشيء ، وقد تأتي الأحداث على خلاف هذا الوعد ، فيقع المؤمن بسوء الظن ، وهذا ذنب كبير ، لما وعد ربنا عز وجل المؤمن بحياة طيبة ، لو أنه بدا لك أن هناك حياة غير طيبة فهذا امتحان لك ، سيدنا النبي اللهم صل عليه في معركة الخندق جاءته قريش بجيشها وأبطالها ومعظم القبائل العربية ، عشرة آلاف مقاتل جاؤوا ليبيدوا المسلمين عن آخرهم ، واليهود نقضوا عهدهم مع النبي ، وبدا الأمر أن الإسلام كله مع نبيه العظيم ومع أصحابه الكرام لا يعيشون إلا سويعات ، قضية زمن ، حتى قال أحدهم : أيعدنا صاحبكم ، ولم يقل رسول الله أن تفتح علينا بلاد كسرى وقيصر ، وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته ، أين الوعد ؟ قال :
 
﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا﴾
                                                                             (سورة الأحزاب)
     وهذا الامتحان لا بدّ منه لكل مؤمن ، فقد يبدو للمؤمن أحياناً أن الله تخلى عنه ، ليسمع ماذا يقول ، هل هو حسن الظن بالله ، هل إيمانه بالله أقوى من هذا الحدث ، أم أن هذا الحدث سحقه ، فربنا عز وجل لا يصطفي المؤمن قبل أن يمتحنه ، الإمام الشافعي سئل : رفع الله بالابتلاء أم بالتمكين ؟ فقال : لن تمكن قبل أن تبتلى ، لا بدّ أن يبتلى المؤمن ليمتحن الله صدق إيمانه ، ليمتحن الله عز وجل محبته الحقيقة لربه ، ليمتحن صبره ، ليمتحن توكله ، فالصحابة الكرام امتحنوا :
 
﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا*وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا﴾
         وهذا الامتحان أعيد كذلك .
 
﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا﴾
    لم يقل : لا ، لأن ( كلا ) أداة ردع ، أي لا تقل ذلك .
 
﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
وإذا كان الله معك فمن عليك ؟
 
 
﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾
معجزة انفلاق البحر ونجاة موسى إغراق فرعون وقومه :
    أصبح البحر الأحمر طرقاً عريضة راسخة يابسة .
﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ ﴾    
سيدنا موسى دخل مع قومه ، فرعون انتظر ، ودهش ، إلى أن خرج سيدنا موسى وقومه من الطرف الآخر ، فتبعهم فرعون .
 
﴿وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ ﴾
      العاقبة لمن ؟ للمتقين ، إذا كان الله معك فمن عليك ، هذه قصة تتكرر ، كن مع الله ولا تبالِ .
 
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً﴾
     آية كبيرة جداً ، آية دالة على عظمة الله ، آية دالة على أن الله وحده ولا أحد سواه .
   
  ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ *وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾          
 قصة موسى من التطبيقات العملية في القرآن :
   القرآن فيه قواعد نظرية ، وفيه تطبيقات عملية ، وهذه القصة من التطبيقات العملية التي تؤكد القواعد النظرية ، وهي قصة تعني كل مؤمن ، لأن المؤمن في الحياة يحتاج إلى ركن ركين يلوذ به ، ويلجأ إليه ، وينصره على خصومه ، فكن مع الله تلقَ كل راحة ، وكل توفيق ، وكل نصر ، وكل تفوق ، وفي الدرس القادم إن شاء الله تعالى ننتقل إلى قصة سيدنا إبراهيم مع أبيه آزر ومع قومه .
 
والحمد لله رب العالمين
 
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب