مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     أهل القرآن

New Page 1

مَكانَةُ أَهْلِ الْقُرآن

16/04/2015 16:55:00

 
فوُجد في عصر التابعين فمن بعدهم جماعة من علماء الأمة، حبسوا أنفسهم على تعلم كتاب الله تعالى وتعليمه، وأوقفوها على حفظه وتبليغه، وبرز منهم القرّاء، واشتهر لدى العامة والخاصة ذكرهم وفضلهم، ورحل إليهم القاصي والداني، وشاء الله أن تنتشر قراءاتهم عبر مر العصور، واشتغل كثير من أهل العلم بعدهم يتحصيل قراءاتهم وتدوينها والتأليف حولها، يقول الشاطبي عن القراء السبعة في منظومته:
جزى الله بالخيرات عنا أئمة               لنا نقلوا القرآن عذبـاً وسلسلا
  فمنهم بدور سبعة قد توسطت              سماء العلى والعدل زهراً وكمّلا
لها شهب عنها استنارت فنورت           سواد الدجى حتى تفرق وانجلا
مكانة أهل القرآن:
قال تعالى: "إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور" (فاطر، 29-30).
فالآية تبدأ بذكر تلاوة الكتاب كشرط للتجارة الرابحة ووفاء الأجر والزيادة من الفضل من الله الغفور الشكور.
ويقول تعالى في نفس السورة: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا" (32)، والآية تدل على أن هذا القرآن الكريم قد أورثه الله للصفوة من خلقه وشرفهم به.
ويقول تعالى: "وإنه لذكر لك ولقومك" (الزخرف، 44)، أي أن القرآن الكريم شرف للنبي عليه السلام وللعرب الذين نزل بلغتهم، وهذا يدل على تشريف كل من يتصل بالقرآن الكريم.
أما الليلة التي نزل فيها القرآن فقد سميت ليلة القدر بمعنى الشرف والمكانة وجعلت خيراً من ألف شهر في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر..." (القدر 1-5).
وقال تعالى: "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" (العنكبوت، 49).
وقال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن لله أهلين". قيل ومن هم يا رسول الله؟ قال: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" (حديث حسن).
وقال صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران" (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها حلو.." (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا" (صحيح)،  قال الخطابي في معالم السنن: جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة.
وقال تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" (فاطر، 28).
وقال تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" (المجادلة، 11).
وأفضل العلوم وأشرفها ما تعلق بكتاب الله تعالى. 
عرض موجز عن المرحلة الأولى من حفظ القرآن وجمعه:
1.      كيف حُفظ القرآن في عهد التنزيل:
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى الوحي من جبريل عليه السلام عن رب العزة تبارك وتعالى، وقد تلقاه جميعه منه مشافهة، وكان يجتهد عليه السلام في حفظه ويشق على نفسه حتى يبلغه لأصحابه فهو الأمين الصادق مع الخلق فكيف بالرسالة من الله تعالى، ولكن الله تعالى هوّن عليه وطمأنه على التنزيل وقال له: "لا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه" (القيامة 16-19).
وتأكيداً لهذا الحفظ يتردد جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم يستعرض معه الذكر، فيأتيه في كل شهر رمضان للتذكير والتثبيت، ثم راجعه معه مرتين في آخر مرة، قبل التحاقه بالرفيق الأعلى.
وطيلة فترة نزول الوحي (23 سنة)، كان الصحابة حريصين على تحصيل ما يُقرؤهم النبي صلى الله عليه وسلم في الصدور، ويكتبونه فيما تيسر لهم من عظام وسعف وصخور، وقد كان حفظ الصدور سهلاً حيث طول الفترة وكانوا يسمعونه في الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضه نزل في حوادث عايشوها كالغزوات، وبعضهم كان إجابة عن أسئلة سألوها أو سمعوها، كما أن منهم من بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم معلّماً لغيره كمصعب بن عمير، وجُلّهم كانوا ينقلونه لنسائهم ولبعض من لم يحضر التنزيل.
واشتهر منهم الحفاظ والقراء وكتبة الوحي، كان منهم الخلفاء الأربعة وعبد الله بن مسعود ومصعب بن عمير وأبو الدرداء وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري وغير هؤلاء ممن عرفوا بين الصحابة بالقراء.
وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلىكان الإلحاح من عمر رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه في نقل الذكر الحكيم من صدور الحفاظ والمكتوب المتناثر ليجمعه في صحائف مرتبة مع العناية بصحة النقل وشمولية الجمع.
وبعد الخليفة أبي بكر حافظ عمر على أمانة الصحائف القرآنية وبقيت عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها بعد وفاته إلى أن استرجعها عثمان بن عفان في ولايته.
وبعد الجمع الأول بقي دَوْر الحُفّاظ من الصحابة على ما هو عليه، يقرأون ويُقرئون، وكان لبعضهم مصاحفهم الخاصة، مثل علي وابن مسعود وأبي، غير أن تعدد المصاحف والقراءات قد أثار مخاوف بعض الصحابة من تحول تنوع القراءات إلى اختلاف في النص القرآني، وهذا ما حدا بحذيفة أن يناشد الخليفة عثمان لتدارك الأمة من عواقب ذلك، إضافة إلى توسع الدولة الإسلامية.
إذاً تم حفظ القرآن الكريم في الصدور والسطور في المراحل الأولى بشكل واضح ودقيق.
2. نشأة مدرسة القراءات:
بعد توزيع المصاحف على الأمصار وما أثارته من نشاط في الكتابة والأداء، نشأت مدارس الإقراء وارتكزت كل منها على بعض القراء من الصحابة معتمدة على المصحف الذي أُرسل إليها إماماً في تثبيت النص القرآني، لأن كل واحد من هذه المصاحف ينقل رواية معينة تؤكدها مجموعة من قراء الصحابة والتابعين الذين استقروا في هذه الأمصار وأشرفوا على تأسيس مدارس القراءات.
وهذه المدارس هي:
·      مدرسة الحجاز: أبي بن كعب، زيد بن ثابت وقرأ عليهما ابن عباس وأبو هريرة. ثم عبدالله بن عياش الذي قرأ على أبيّ وسمع من عمر.
ابن عياش هو الأستاذ الأول تخرجت عليه مجموعة من شيوخ القراءة أمثال يزيد بن رومان ومسلم بن جندب وعبدالرحمن بن هرمز وهؤلاء هم الذين أخذ عنهم نافع المدني.
وفي مكة قرأ عبدالله بن السائب على أبي وروى عن عمر وهو شيخ عبدالله بن كثير قارئ مكة.
·      مدرسة الشام: أبو الدرداء حيث كان من تلامذته ابن عامر الذي أخذ عن المغيرة بن شهاب صاحب الخليفة عثمان.
·       مدرسة البصرة: أبو عمرو بن العلاء أخذ عن يحيى بن يعمر أو نصر بن عاصم، ومن قراء البصرة الحسن الذي أخذ عن أبي موسى الأشعري.
·       مدرسة الكوفة: علي بن أبي طالب التي اتخذها قاعدةً أيام خلافته، كما أقام بها في وقت مبكر ابن مسعود، وعنه أخذ زر بن حبيش والأسود بن يزيد وعلقمة.
وقد أنتجت مدرسةالكوفة ثلاثة من أئمة القراءة: عاصم بن أبي النجود، حمزة الزيات، علي الكسائي.
وقد اختار ابن مجاهد وتابعه أبو عمرو الداني (ت 444) إمام القراءات في الأندلس سبعة قراء، وباركهما الشاطبي في قصيدته المعروفة بحرز الأماني، وأجمعت الأمة على تواتر هذه القراءات، واتفق جمهور القراء والأصوليين على القراءات الثلاث المتممة للعشرة، أما ما عدا العشرة فاعتبروها شاذة يمكن الاستفادة منها في التفسير.
كما اختار أهل التحقيق للقراءات راويين لكل قراءة، ورويت كل رواية بطرق متعددة، زادت في رواية حفص على الخمسين.
إذاً هناك قراءات وروايات وطرق وكلها بأسانيد متواترة من الثقات وخيرة الناس، جزاهم الله خيراً.
وقد اعتمدت هذه القراءات على الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل القرآن على سبعة أحرف، بوجوه متعددة في طريقة النطق والبناء الإعرابي، رحمة وتوسيعاً على الأمة، وهذا التعدد دلت عليه عدة حوادث منها ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، فكدت أساوره في الصلاة، فانتظرته حتى سلم، ثم لببته بردائه أو بردائي، فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت له: كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام). فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هكذا أنزلت). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأ يا عمر). فقرأت، فقال: (هكذا أنزلت). ثم قال: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه) (البخاري، 6936).
 
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب