سورة الأعراف 007 - الدرس (43): تفسير الآيات (138 - 153) اتخاذ قوم موسى غيابه سبباً لكفرهم وشركهم بالله

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سورة الأعراف 007 - الدرس (43): تفسير الآيات (138 - 153) اتخاذ قوم موسى غيابه سبباً لكفرهم وشركهم بالله

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج مع الحدث: مع الحدث - 38- المبادرات نصرة لغزة- سامر خويرة -17 - 03 - 2024           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 284 - د. حسين الترتوري- 18 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 09 - رمضان - 1445هـ           برنامج منارات مقدسية: منارات مقدسية - 264 - رباط الملك نجم الدين           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 09 - بشائر النصر في رمضان - الشيخ أمجد الأشقر           برنامج الكلمة الطيبة 2024: الكلمة الطيبة - شهر انتصار الانسان         

الشيخ/

New Page 1

     سورة الأعراف

New Page 1

تفسير القرآن الكريم ـ سورة الأعراف - تفسير الآيات: (138 - 153) - اتخاذ قوم موسى غيابه سبباً لكفرهم وشركهم بالله

21/03/2011 10:12:00

سورة الأعراف (007)
الدرس (43)
تفسير الآيات : (138 ـ 153)
اتخاذ قوم موسى غيابه سبباً لكفرهم وشركهم بالله
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
 
اتخاذ قوم فرعون العجل إلهاً و عبادته من دون الله :
 
       أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس الثالث والأربعين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثامنة والأربعين بعد المئة ، وهي قوله تعالى :
 
﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ .
قوم موسى رأوا بأعينهم كيف أن البحر أصبح طريقاً يبساً ، رأوا بأعينهم هذا الطاغية الذي ما كان أحد يصدق أن يموت ، وقد أهلكه الله عز وجل ، قوم موسى رأوا هذا النبي الكريم ينزع :
﴿ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾ .
( سورة الأعراف )
يضرب :
﴿ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾ .
( سورة الأعراف )
هؤلاء ما الذي فعلوه ؟ ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ ﴾ وعبدوه من دون الله ، هذا كلام يحتاج إلى تعليق .
 
الشرك الخفي و الشرك الجلي :
 
أحياناً إنسان يعبد إنسان دون أن يشعر ، يطيعه ويعصي الله ، يعلق عليه الآمال ، يتوكل عليه ، يعطيه كل حبه ، وكل ولائه ، ولا يعبأ بمنهج ربه ، هذا نوع آخر ، ألا ترى إلى الشمس ، إلى القمر ، إلى النجوم ، إلى الأمطار ، إلى خلق الإنسان .
 
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾ .
( سورة البلد )
إلى طعام الإنسان ، إلى شراب الإنسان ، إلى الماء العذب الزلال ، ألا ترى هذه الآيات الدالة على عظمة الله ؟ فكيف تطيع إنساناً وتعصي خالقك ؟ كيف تطيع مخلوقاً ضعيفاً وتعصي خالق السماوات والأرض ؟ الصورة اختلفت أما حقيقة الشرك واحدة .
لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله أما إني لست أقول يعبدون شمساً و لا قمراً و لا وثناً و لكن أعمالاً لغير الله و شهوة خفية ))
[ أحمد و ابن ماجه عن شداد بن أوس ]
هذا المعنى تؤكده الآية الكريمة :
 
﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ .
( سورة يوسف )
الشرك الجلي لا وجود له في العالم الإسلامي ، ولكن الشرك الخفي أن تطيع مخلوقاً وتعصي خالقك ، أن تطيع زوجتك ، وتعلق عليها كل الآمال ، وتكسب المال الحرام إرضاءً لها هذا شرك .
 
عظمة الله عز وجل تظهر في الكون بواقعه الحالي أكثر مما تظهر بخرق نواميسه :
 
على كلٍ هم رأوا المعجزات الحسية ونحن نرى الآيات الكونية ، الكون لا نهاية له  ، آلاف مليارات المجرات ، وكل مجرة ملايين ملايين الكواكب ، وخلق الإنسان آية ، وخلق النبات آية ، وخلق الحيوان آية ، نزول الأمطار آية ، الماء آية ، الهواء آية ، نحن محاطون بآيات لا تعدّ ولا تحصى ، والحقيقة أن عظمة الله عز وجل قد تتبدى في الكون بواقعه الحالي أكثر مما تتبدى بخرق نواميسه ، لكن من ضعف الفهم قديماً كانت المعجزة خرق النواميس ، لكن الآن خلق الإنسان .
تمشي في الطريق تستمع إلى بوق مركبة تنزاح نحو اليسار ، هل تدري ما الذي حصل ؟ أودع الله في دماغك جهازاً دقيقاً جداً ، يحسب هذا الجهاز تفاضل وصول الصوت إلى الأذنين ، الصوت من هنا هذه أقرب ، وهذه أبعد ، التفاضل واحد على ألف وستمئة و خمسين جزءاً من الثانية ، هذا الجهاز من أجل أن تعرف جهة الصوت ، ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾ ، من أجل أن ترى البعد الثالث .
حاسة الشم عشرين مليون عصب شمي ، ينتهي كل عصب بسبعة أهداب ، الهدب مغطى بمادة تتفاعل مع الرائحة ، ينشأ شكل هندسي ، رمز الرائحة ، يشحن للدماغ ، هذا الرمز يعرض على الذاكرة الشمية ، عشرة آلاف بند ، حيث ما يطابق الرمزان تكتشف أنه يوجد بالطعام المادة الفلانية .
أتحسب أنك جرم صغير
* * *
 
عبادة اليهود للأوثان التي لا منهج معها و لا يُنتفع بعبادتها :
 
أنا بدأت أن قوم موسى رأوا العصا التي ألقاها فأصبحت ﴿ هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾  ، رأوا يد سيدنا موسى نزعها فإذا هي كالكوكب الدري ، رأوا العصا ضُرب بها البحر أصبحت طريقاً يبساً ، ثم عبدوا العجل من دون الله ، ونحن معنا آيات ناصعات ، بينات ، واضحات ، كل شيء واضح ، ومع ذلك : ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ .
هذا الذي يغتصب بيتاً لا يرى أنه سيحاسب ؟ هذا الذي يأكل المال الحرام لا يرى أنه هناك إله عظيم سوف يحاسبه على ذلك ؟ المشكلة واحدة ، الصورة مختلفة .
﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ ﴾ هو ذهب إلى المناجاة ، ولعله أمضى أربعين ليلة ظنوه لا يرجع ، وكأن الدين مرتبط بسيدنا موسى ، فإذا غاب مديداً تحللوا من عبادات الله عز وجل .
لذلك ماذا قال الصديق ؟ من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، الرسالة مستمرة  ، الرسالة هذا المنهج الذي جاء به النبي الكريم مستمر .
لكن أيها الأخوة ، نقطة دقيقة جداً الآن ، الإنسان حينما يعبد عجلاً من ذهب صنعه الإنسان ، هذا العجل عنده منهج ؟ لا يوجد شيء ، له أمر ؟ له نهي ؟ لا ، الذين عبدوا الشمس معها منهج ؟ الذين عبدوا البقر في الهند ، البقرة معها منهج ؟ هل هناك أوامر ؟ هل هناك نواهٍ ؟ هل هناك وسائل للتقرب من الله ؟ هناك وسائل للبعد عنه ، معاصي تبعدك عنه ، في أسباب سلامتك ، في أسباب سعادتك ، هذا العجل ماذا يفعل ؟.
 
الله عز وجل  مع الإنسان أينما كان يحاسبه على كل تصرف صدر عنه :
 
لذلك بالمناسبة : قد يعجب الإنسان يقول تسعمئة مليون بوذي ، لماذا عبادات الأديان الأرضية الوضعية أتباعها كثر ، أعتقد في سبب ، والسبب واضح ، لأنه ما في منهج ، القضية سهلة ، افعل ما شئت ، أعلن ولاءك وافعل ما شئت ، إذا عبد الإنسان شيئاً دون الله عز وجل هذا الشيء ما له منهج ، بالإسلام في أمر ، في افعل و لا تفعل ، في حرام ، في حلال ، في واجب ، في سنة ، في فرض ، في مندوب ، في شيء لا يجوز ، في شيء مستقبح ، في شيء مستحسن ، في شيء يغضب الله ، المسلم أمام منظومة لا تنتهي من الأوامر والنواهي .
وأساساً تخلف المسلمون حينما فهموا أن الدين عبادات شعائرية فقط ، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، وما أكثر الأوامر في القرآن الكريم ، وما أكثر الأوامر في السنة المطهرة ، أنت أمام منهج .
فلذلك عبادة الأوثان سهلة جداً ، عبادة البقر سهلة جداً ، الحجر ، الشمس ، القمر هذه الجوامد لا منهج معها ، لا تنتفع بعبادتها ، وأحياناً أضيف على ذلك : وأن تعبد إنساناً ليس معك ، تعلن ولاءك له ، وتفعل ما تشاء ، تأخذ من الأموال ما تشاء ، وتظلم ما تشاء ، ليس معك هو .
 لذلك من السهل بمكان أن تعبد إنساناً ليس معك ، تتلقي به وتكون في أعلى درجات الأدب والمحبة والولاء ، مرتاح ، تبتعد عنه تكون وحشاً مع الناس ، عبادة الأشخاص سهلة جداً ، أما أن تعبد الله هو معك ، لو حلفت يميناً كاذبة سقطت من عينه ، لو كذبت سقطت من عينه ، لو ظلمت هرة سقطت من عينه ، لو قتلت مخلوقاً لا يحق لك أن تقتله سقطت من عينه ، الفرق كبير جداً بين أن تعبد مادة ، حجر ، شمس ، قمر ، بقرة ، نار ، وبين أن تعبد خالق السماوات والأرض .
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ .
( سورة الحديد الآية : 4 )
معك يحاسبك .
 
الله عز وجل  مُطلع على نوايا كل إنسان :
 
لذلك لا يمكن لأمر شرعه إنسان أن ينفذ مئة بالمئة ، هذا الأمر ينفذ مادام هذا الإنسان يطولك علمه ، أوضح مثل قانون السير ، ما دام في النهار كله واضع الأحزمة أما الساعة الثالثة بالليل ، لما الإنسان يضع قانون هذا القانون يطبق حينما يكون واضع القانون يطولك علمه ، أو تطولك قدرته ، أما إذا كنت مع الله والله بأي لحظة معك ، أوضح مثل :
بشهر رمضان ، في شهر آب ، والحر لا يحتمل ( الحرارة خمس و أربعون) والعطش يكاد لا يحتمل  تدخل لبيت ، للمطبخ ، تفتح الثلاجة ، في ماء بارد تستطيع أن تضع نقطة ماء في فمك ؟ لا تستطع ، لأن الله معه ، عظمة الدين شيء لا يصدق ، بينما بالأنظمة الوضعية ما دام واضع القانون ليس معك تستطيع أن تفعل كل شيء ، فرق كبير بين أن تطيع خالقاً معك ، مطلع على نواياك .
كلمة أقولها : مريض مخدر في مثلاً حاجة ثمنها 150 ألف توضع في أحد شرايين قلبه ، هي متفاوتة بالأسعار ، هناك قسم غالٍ جداً ، هناك قسم رخيص جداً ، إن وضعت الرخيص وهو مخدر ، وتمّ وضع هذا النابض في أحد أوعية القلب ، وانتهت العملية وخيطت وانتهى الأمر يستطيع المريض أن يكشف الخطأ ؟ ما في قوة تكشفه إلا الله ، وضعت نوع سيئاً جداً  وسجلت بالفاتورة نوع غالٍ جداً .
 
الحياة لا تستقيم إلا بالإيمان بالله :
 
هناك أخطاء لا يمكن حتى بالقانون نكشفها، إن قال لك الطبيب: أريد عشرة تحاليل تستطيع أن تناقشه ؟ لا تستطيع، من يراقبه ؟ الله عز وجل ، أقول لكم كلمة أخرى : الحياة لا تستقيم إلا بالإيمان بالله ، ما دام واضع القانون إنسان ، والإنسان المواطن قد يكون أذكى من واضع القانون .
مرة كنت بأمريكا ، واضعين أجهزة لكشف السرعات الزائدة ، كنت بمركبة سمعت صوتاً جديداً لم يكن ، ما هذا الصوت ؟ قال لي : هذا الصوت جهاز اشتريناه ينبهنا عن قرب جهاز وضع لكشف السرعات الزائدة ، معناها التغت العملية ، جهاز وضع بالمركبة ، ينبه السائق إلى أن الجهاز الذي سيكشف السرعة الزائدة اقترب ، انتبه ، انتهى إذاً .
إذا إنسان واضع قانون المواطن قد يكون أذكى منه ، فكل شيء يوضع يأتي مواطن يستطيع أن يحتال ويلغي مفعوله ، لذلك الآن الضبط بالعالم الغربي إلكتروني ، ضبط بالغ الدقة  قطع الكهرباء بليلة واحدة تمت 200 ألف سرقة ، مجموع المسروقات 30 مليار دولار ، لأن الضبط إلكتروني ، ما في كهرباء ما بقي في ضبط .
لذلك تدخل سوق كبير في العالم الغربي ، أنا أقول ما في أمن ، إن لم تدفع ثمن السلعة اللصاقة التي على السلعة فيها مادة إن لم يؤشر عليها أنها دفعت تصدر صوتاً أمام قوس تغلق الأبواب آلياً ، من هو الأمين في هذا السوق ؟ ضبط عجيب ، لذلك كلما كان الضبط إلكتروني كان الأجر لا شيء ، لا يوجد أجر .
 
ربط اليهود الدين بوجود سيدنا موسى عليه السلام :
 
القصة أنه ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ ﴾ غاب عنهم في المناجاة فربطوا الدين بوجوده ، فلما غاب عنهم عبدوا هذا العجل ، ﴿ مِنْ حُلِيِّهِمْ ﴾ من قطع ذهبية كانت معهم في تعبير لطيف أنه ذهب يشبه الإنسان ، بطيء الكسر ، سريع الالتئام .
﴿ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ ﴾ يبدو أن هذا الذي صنع العجل لو نفخت في مكان في هذا العجل لأصدر صوتاً كصوت العجل ، ﴿ لَهُ خُوَارٌ ﴾ طبعاً العجل جسد لكن ما فيه روح  تصور إنسان يرى في بعض المحلات لبيع الأقمشة تمثال لامرأة من شمع ، والمرأة الحقيقية ، كم هي المسافة ؟ أحياناً وردة بلاستيك بينها و بين والوردة الحقيقية فرق كبير في حياة .
﴿ عِجْلاً جَسَداً ﴾ يعني جثة ما فيها روح ،  ﴿ لَهُ خُوَارٌ ﴾ ، قال تعالى : ﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ﴾ ، سبيل السلامة ، سبيل السعادة ، سبيل القرب من الله ، سبيل الأمن ، سبيل الحكمة ، سبيل الراحة النفسية ، سبيل الرضا ، سبيل التفوق ، سبيل التفاؤل ، سبيل قوة الشخصية .
﴿ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ كانوا ظالمين لأنفسهم ، سبحان الله  الإنسان مع الله ، الله يحفظ ، الله يلهم ، الله ينعم ، الله يدافع عنه ، الله يقويك ، الله ينصرك ، الله يوفقك ، الله يوفقك بزواجك ، بعملك ، بصحتك ، بسمعتك .
 
المؤمن وقاف عند كتاب الله و سنة رسوله و الكافر لا مولى له :
 
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ .
( سورة محمد )
مثل واضح جداً ، لكنه مؤلم : تصور ابن له أب محترم ، أب مربٍ ، أب عالم وغني ، اعتنى بتربيته عناية صار شخصية فذة ، علماً ، وأدباً ، وديناً ، وسلوكاً ، تابعه متابعة دقيقة جداً ، تابع له صحته ، دراسته ، دينه  صلاته ، أناقته ، ثيابه ، كلامه ، حتى أوقات فراغه ، صرفها فيما ينفعه ، هذا الابن للتقريب كالألماسة ، إذا ابن يتيم مات أبوه ، ومتشرد ، كل يوم بمخفر ،  وكل يوم بمأوى أحداث ، وفي فاحشة ، وفي سرقات ، وكلامه بذيء ، وثيابه رثة ، وحركاته مؤلمة ، في موازنة بين هذا الطفل ، والذي له أب يرعاه ، وبين هذا الطفل المشرد ؟ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ .
مسكين الكافر ليس له مولى ، أحياناً يكون تدميره في تدبيره ، أما المؤمن وقاف عند كتاب الله .
سائق تكسي أشارت له امرأة ، أين ؟ قالت له : خذني إلى أي مكان تريد ، عد هذا مغنماً كبيراً ، قضى حاجته ، وأخذ رسالة منها ، ظنها مبلغاً من المال كبير ، فتحه : مرحباً بك في نادي الإيدز .
يكون تدميره في تدبيره ، قد يعد المغرم مغنى ، لذلك النبي الكريم في أدعيته الشريفة يقول :
(( اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه )) .
الذي يرى أنه لا يكلمهم ، مرة بعض القبائل صنعت إلهاً من تمر ، فلما جاعت أكلته مرة في صنم جاء الذي يعبده رأى ثعلباناً قد بال على رأسه ، فقال : أرب يبول الثعلبان      برأسه ! معقول ؟! لقد ضل من بالت عليه الثعابين .
 
العاقل من شكر الله عز وجل على نعمة الهدى :
 
والله يا أخوان هناك معلومات يصعب تصديقها ، في قبائل في آسيا تعبد الجرذان عندي تحقيق مطور مع الصور ، بناء فخم ، حجر منحوت ، والآلهة في هذا البناء هم الجرذان  والأتباع يأتون ، يقفون على ظهورهم ، وعلى رؤوسهم ، يقدمون لهم الحليب ، والطعام الطيب ، هناك من يعبد ذكر الرجل في اليابان ، هناك من يعبد موج البحر ، اشكروا الله عز وجل ، نعبد الله ، نعبد خالق السماوات والأرض ، نعبد الذي معنا في كل حين ، نعبد الذي بيده كل شيء ، نعبد الذي بيده أعداؤنا ، والأقوياء ، نعبد الذي يسمعنا ، من يستجيب لنا ، من ينصرنا ، من يرحمنا .
﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ ، أنتم طبعاً وجدتم مفارقة حادة أن أشخاصاً رأوا البحر أصبح طريقاً ، رأوا فرعون غرق أمامهم ، رأوا آيات وأدلة ، ومع ذلك يعبدون عجلاً من الذهب ، ﴿ لَهُ خُوَارٌ ﴾ ، لاشك أنكم مندهشون لهذه المفارقة الحادة ، والله الذي لا إله إلا هو في كل عصر إنسان يؤذي الناس ، يبتز أموالهم ، ولا يعلم أن الله سيحاسبه حساباً عسيراً .
أذكر قصة ، طالب من طلابي خاله صاحب دار سينما ، سينما مستواها منحط جداً تستقطب الشباب ، الصائعين ، المنحرفين ، الشاردين ، بنى ثروة كبيرة جداً على حساب أخلاق الشباب ، بالأربعينات جاءه المرض الخبيث ، قال لي : كنت في زيارته صار يبكي أمامي ، قال لي : جمعت هذا المال الكبير حتى أستمتع به في حياتي ها قد عاجلني المرض ، ولم أستمتع به .
الله كبير ، أغبى إنسان الذي لا يدخل الله في حساباته ، لا تعجبوا بهذه المفارقة الحادة نعيش مفارقات أكثر منها حدة ، اغتصاب بيت ؟ ما في آخرة ؟ ما في يوم حساب ؟ تطليق زوجة تطليقاً تعسفياً ، كتبت له البيت ثم طلقها ، ظلم ما في عليه حساب ، والله في ظلم بالعالم الإسلامي بالبيوت ، بالطبقة الدنيا في ظلم لا يعلمه إلا الله ، وكل واحد يظلم الناس يظن أنه لن يحاسب .
 
العاقل من أدرك خطأه قبل فوات الأوان :
 
﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ .
( سورة الأعراف )
يبدو هناك قسم من هؤلاء كانوا في غفلة ، فلما أدركوا الخطأ ، خطأ كبير .
﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ﴾ شعروا بخطئهم الفادح ، شعروا بهذا الانحراف الخطير  إله عظيم أراكم على يد نبيه معجزات ، وتعبدون ﴿ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ ﴾ .
﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ ، على كلٍ جيد أن الإنسان بعد الخطأ أدرك الخطأ ، الآن سيدنا موسى :
 
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ .
( سورة الأعراف )
سيدنا موسى نبي كريم ، من أولي العزم ، ذهب لمناجاة الله عز وجل ، وهو كليم الله ، ذهب أربعين ليلة ، في هذه الليالي الأربعين انحرف قومه انحرافاً شديداً ورجعوا وثنيين .
 
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :
 
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً ﴾ أيضاً نفهم شيئاً ، هل تحمل هم المسلمين ؟ هل يؤلمك تقصيرهم ؟ هل يؤلمك انحرافهم ؟ هل يؤلمك انغماسهم في الملذات ؟ هل تتألم لهم ؟ هل تسعى لهدايتهم ؟ هل تقلق على مستقبلهم ؟ كلما كانت اهتماماتك واسعة تشمل قطاعاً كبيراً من الناس كلما كنت أقرب من الله عز وجل .
﴿ غَضْبَانَ أَسِفاً ﴾ الآن كأنه في شعور ، مادام دخلك وفيراً ، وصحتك جيدة  ، وبيتك جيد ، مركبتك جيدة ، ما لك وللناس ، لا يخطر في باله يعين إنساناً ، يأخذ بيد إنسان ، يهدي إنساناً ، أقول لكم أيها الأخوة : الدعوة إلى الله (أنا أقول كلاماً معه أدلة) فرض عين على كل مسلم ، الكفاية وضع آخر ، فرض الكفاية هو التبحر ، والتفرغ ، والتعمق ، وأن تملك أدلة وأجوبة ورد على كل شبهة ، هذا فرض الكفاية ، إذا قام به البعض سقط عن الكل ، بكل بلد مجموع من العلماء الكبار ، هؤلاء فرض كفاية ، أما كل واحد من الأخوة الكرام فرض عين أن يكون داعية في حدود ما يعلم ، ومع من يعرف ، سمعت آية ، سمعت حديثاً ، سمعت قصة ، تأثرت .
(( بلِّغُوا عني ولو آية )) .
[ أخرجه البخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ] .
تبلغ من ؟ زوجتك ، أخوك ، ابنك ، عمك ، ابن عمك ، خالك ، ابن خالك ، زميلك بالوظيفة ، جارك ، كنا بندوة ، بسهرة ، بنزهة ، ماذا سمعت يوم الجمعة ؟ عود نفسك تكتب نقاطاً أساسية يوم الجمعة ، أن تجعل هذه النقاط محور حديث طوال الأسبوع ، زرت أختك ، جالس صهرك ، وابن أختك ، وأختك ، وسمعت تفسير آية تأثرت بها ، بلغهم ، اكتب عندك هذه النقاط التي تحب ؟ وزع شريطاً ، ليس هدية ، إعارة ، حتى يسمعه ، سمعه أعطه شريطاً آخر .
والله في أخ من إخوانا لا يحسن الدعوة إلى الله ، أمن مئة شريط ، ووزعهم على أقربائه ، وتابعهم ، أربعة ، خمسة ، عشرة ، صاروا بالجامع من أقربائه ، لما الإنسان يصدق الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، يعني أقرباؤك أصدقاؤك ، جيرانك ، زملاؤك .
 
غضب سيدنا موسى الشديد بسبب تنكر قومه لعبادة الله عز وجل :
 
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ﴾ يعني وجدتم غيابي طويلاً فعبدتم إلهاً آخر .
﴿ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ ﴾ ، أخوه نبي كريم ، لكن غضبه كان شديداً .
﴿ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ﴾ ، يبدو أن سيدنا موسى عاش مع أخيه أمداً طويلاً في رعاية الأم ، يبدو أن الأب كان متوفى في وقت مبكر جداً .
 ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ﴾ ، اسمع مني .
﴿ وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ، أنا دعوتهم ، منعتهم ، حذرتهم ، ما تركت طريقاً إلا سلكته ، لكنهم أصروا على أن يعبدوا العجل فلما بالغت في الإصرار ﴿ وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ﴾ ، ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي ـ أنا واحد ـ وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ ﴾ ، خلافي معك ، وخلافك معي أمام هؤلاء الذين تنكروا لهذه الدعوة يشمتون بنا .
أنا أقول أيها الأخوة الدعاء : (( اللهم إنا نعوذ بك من شماتة الأعداء ، ومن السلب بعد العطاء ، ومن عضال الداء )) .
 
خروج سيدنا موسى عن طوره بسبب شدة إيمانه و ألمه من قومه :
 
﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ، أنا لم أقصر ، يبدو أن سيدنا موسى سكت عنه الغضب ، أحياناً الإنسان من شدة إيمانه ، من شدة حرصه ، من شدة غيرته ، من شدة ألمه ، قد يخرج عن طوره    ﴿ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ ﴾ ، في آية أخرى :
 
﴿ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ﴾ .
( سورة طه الآية : 94 )
 من أين جره ؟ من لحيته .
 
  ﴿ وَلَا بِرَأْسِي ﴾ .
 ( سورة طه الآية : 94 )
﴿ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ، سيدنا موسى عاد إلى نفسه ، قال :
 
﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .
( سورة الأعراف )
يعني كل واحد منا إذا أخطأ ينبغي أن يستغفر الله ، وأن يرجع إليه ، ليس لنا إلا الله .
 
من أراد أمراً فليتدبر عاقبته :
 
لكن الله عز وجل يقول :
 
﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
أين عقلك ؟ أين إيمانك ؟ من أراد أمراً فليتدبر عاقبته ، يعني الإنسان لأن يسقط من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعه أهون من أن يسقط من عين الله ، مؤمن مريض ممكن   ، فقير ممكن ، زواجه غير ناجح ممكن ، ما رزقه الله بالأولاد ممكن ، كله ممكن ، لكن تعصي   الله ؟ تأخذ ما ليس لك ؟ تحلف يميناً كاذباً ؟.
﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ، يعني المؤمن أكبر عطاء له أن الله يعزه ، ويرفع قدره ، وأي عمل فيه شرك معه ظلم .
 
﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ .
( سورة الزمر الآية : 65 )
 
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 151 )
 
غضب الله عز وجل شديد و مدمر :
 
 ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ يعني غضب الله شيء    مدمر .
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ .
( سورة البروج )
والله أروي قصة كثيراً لكنها مؤثرة : إنسان راكب مركبته إلى المطار موظف هناك  لكن موظف رفيع المستوى ، أراد أن يعرض خبراته الدقيقة في القيادة على من إلى جانبه ، فهناك جرو صغير في أيام الشتاء الزفت الأسود أكثر دفئاً من التراب لأنه يمتص أشعة الشمس ، فهذا الجرو جالس على طرف الطريق ، فاستطاع قائد هذه السيارة بمهارة بالغة أن يقص يديه فقط  دون أن يدهسه كله ، وأطلق ضحكة هستيرية ، يقسم لي بالله من كان إلى جانبه ، في السبت القادم بعد أسبوع ، في المكان نفسه إحدى العجلات أصبحت بحاجة إلى إصلاح ، وقف ، عنده رافعة ، رفع المركبة ، وحرر العجلة ، فالرافعة فاسدة انكسرت وقعت المركبة فوق العجلة بشكل أفقي ، والعجلة فوق رسغيه فهرستا ، إلى أن وصل إلى المستشفى اسودت يداه وقطعتا ، يقسم بالله أنه بالسبت الماضي قطع يدي جرو صغير ، وفي السبت الذي تلاه قطعت يداه من الرسغين ، ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ .
والله أيها الأخوة ، هناك آلاف القصص لكن نحن مشكلتنا القصة نعرفها من آخر فصل ما لها معنى ، الذي راكب إلى جانبه قال لي : أمامي دهس ، أو سحق يدي جرو صغير وضحك ، في السبت القادم قطعت يداه ، ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ .
 
التوبة النصوح أساس مغفرة الله عز وجل للإنسان :
 
﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .
( سورة الأعراف )
﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا ﴾ ، إنسان عمل سيئاً ، تاب ، وأصلح ، وعقد العزم على توبة نصوح ﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .
أعتقد أنه في أكثر من ثماني آيات في القرآن الشرط في التوبة : ﴿ مِنْ بَعْدِهَا ﴾ من بعد التوبة ، وبعد الإصلاح ، وبعد العمل الصالح ﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .
والحمد لله رب العالمين
 
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب