سورة آل عمران 003 - الدرس (22): تفسير الآيات (077 - 077)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات"> سورة آل عمران 003 - الدرس (22): تفسير الآيات (077 - 077)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     سورة آل عمران

New Page 1

تفسير القرآن الكريم ـ سورة آل عمران - تفسيرالآية: (077 - 077)

21/03/2011 01:50:00

سورة آل عمران (003)
الدرس (22)
تفسيرالآية: (77)
 
لفضيلة الأستاذ الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
  
بسم الله الرحمن الرحيم
 
          الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
          أيها الإخوة المؤمنون ، مع الدرس الثاني والعشرين من دروس سورة آل عمران ، ومع الآية السابعة والسبعين ، وهي قوله تعالى :
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(سورة آل عمران)
 
  إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
 
1 ـ الله أخذ على البشر ميثاقهم بتصديق الأنبياء :
 
        أيها الإخوة ، إن الله عهد للبشر ، وأخذ عليهم الميثاق أنهم إذا جاءهم رسول مؤيد بالمعجزات ليؤمنن به ، وليصدقونه ، هذا هو العهد الذي أخذ من بني آدم يوم خلقوا ، وقد يكون عهداً خاصاً ، لأن أهل الكتاب حلفوا أيماناً معظمة أنه إن جاء رسول في آخر الزمان ، وقد ورد عندهم في كتبهم أن هناك نبياً اسمه أحمد سيأتي ليؤمنن به ، عهد فطري ، أو عهد كسبي ، وأيمان منعقدة على الإيمان برسول من عند الله .
 
2 ـ كيف يشتري الإنسان بعهد الله وأيمانه ثمنا قليلا :
 
هذا العهد وهذه الأيمان قد يشترى بها ثمناً قليلاً ، كيف ؟ بعض من المسلمين على ضعف منهم قابلوا أحد أغنياء المدينة ، وكان من اليهود  ، يسألونه شيئاً ، فقال لهم : أنتم مؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام ؟ قالوا : نعم ، قال : لا شيء لكم عندي إن كنتم قد آمنتم به ، عادوا بعد أيام ، وقد كفروا بمحمد ليأخذوا من هذا الرجل الثري طعاماً ، وحاجات ، وما إلى ذلك ، طبعاً هذه حادثة تتكرر إلى يوم القيامة ، هذا الذي يؤذي مسلماً لينال شيئاً ، هذا الذي يقول كلاماً غير صحيح ليصل إلى هدف مادي ، هذا الذي يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ، هذا الذي يقول بخلاف قناعاته ، إرضاءً لقوي ، هذا الذي ينكر الحق تقرباً من غني ، هذا الذي يقول الباطل تملقاً لإنسان بيده مقاليد الأمور ، كل هذه النماذج تنطبق عليهم هذه الحالة :
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
القاضي الذي يحكم بخلاف الحق ، لأن أحد الأطراف أعطاه مبلغاً كبيراً ، وأيّ إنسان في أيّ مكان ، في أيّ موقع ، إذا تنكر لمبادئه وقيمه ، وفعل شيئاً نال به مغرماً دنيوياً فهو ممن تنطبق عليهم هذه الآية .
يكفي ألا تصلي أمام أناس ، لأنك لا تحب أن يعرفوا أنك تصلي ، اشتريت بعهد الله ، وأيمانك ثمناً قليلاً .
يكفي أن تذم مؤمناً إرضاءً لمنافق ، اشتريت بعهد الله ، وأيمانك ثمناً قليلاً .
يكفي أن لا تنصف مسلماً تتملق به جهة ما ، اشتريت بعهد الله ، وأيمانك ثمناً قليلاً ، أي إنسان يتنكر لمبادئه ولقيمه فقد اشترى بعهد الله ، وأيمانه ثمناً قليلاً .
يكفي أن تؤمن قدر واحد على عشرة ، وفيهم من هو أرضى لله من هذا ، فقد خنت الله ورسوله ، اشتريت بعهد الله ، وأيمانه ثمناً قليلاً ، آية واسعة جداً .
 حينما تتحرك لمصالحك لا لقناعاتك ، حينما تؤثر الدنيا على الآخرة ، حينما تؤثر المال على كلمة الحق ، حينما تكون كلمة الحق صعبة عليك فتسكت ، حينما يكون النطق بالباطل تمهيداً لمصالحك ، تنطق بالباطل .
والله لو ذهبنا بالحديث عن حالات استخدام هذه الآية لوجدناها لا تعد ولا تحصى ، وما أكثر المسلمين الذين وقعوا في هذه الحالة ، وتنطبق عليهم هذه الآية .
لمجرد أن تختار إنساناً في عمل ، وفي رعيته من هو أرضى لله منه ، فهذه خيانة ، هذا الإنسان لك منه بعض المنافع ، آثرته على إنسان كفء ، حينما لا تأتي بأفضل أنواع المعامل ، تختار أسوأها ، من أجل مكسب مادي ينالك فقد خنت الأمانة ، الآية واسعة جداً ، أنت خنت القيم ، خنت المنهج الإلهي ، خنت المبادئ التي ينبغي أن تؤمن بها ، هذا المعنى العام :
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
هناك قيم ، ومبادئ ، ودين ، ودنيا ، ومصالح ، إن آثرت المصلحة على المبدأ ، إن آثرت الشهوة على القيمة ، إن آثرت الدنيا على الآخرة ، فهذا معناً موسع لهذه الآية ، لكن هنا :
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ
الإنسان يشتري سلعة فينتفع بها مباشرة ، أما حينما يشتري ثمناً فهذا مغبون مائة بالمائة ، لأن الثمن لا يباع ، ولا يشترى ، الإنسان في سابق العصور كان يقايض سلعة بسلعة ، منافع بمنافع ، يأخذ قماشاً ، ويعطي قمحاً ، هذه مقايضة ، أما الشراء فتشتري القمح بالمال ، وتبيع القماش بالمال ، فالمال وسيط ، المال ثمن ، وليس سلعة ، ففي أصل التشريع الإسلامي الثمن لا يمكن المتاجرة به ، لا يمكن أن يعامل كالمنافع يتاجر بها ، عندئذٍ يلد المالُ المالَ ، وحينما يلد المالُ المالَ تهلك الأمة ، لأن الأموال سوف تجتمع في الأيدي القليلة ، وسوف تحرم منها الكثرة الكثيرة .
حينما يجعل الإنسان من الثمن سلعة يبيعها ، ويشتريها ، ويربح منها ، ويثمرها ، وحينما يلد مرة ثانية المالُ المالَ ، فهو ثمن وليس سلعة ، الفرق بين الثمن والسلعة أن السلعة ينتفع بها مباشرة ، الرغيف تأكله ، والقميص تلبسه ، والبيت تسكنه ، والمركبة تركبها ، لكن حينما تستخدم هذه الرموز ، العملة الورقية أو الذهبية تستخدمها سلعة تتاجر بها ، وتنتفع بها أنت فقد فعلت شيئاً يخالف منهج الله .
 
3 ـ مهما كان الثمن فهو قليل :
 
هذا تعليق جانبي على الآية ، هؤلاء الذين اشتروا بآيات الله وعهده ثمناً ، ويا له من ثمن كبير ، هو ثمن قليل .
كم من إنسان باع دينه بعرض من الدنيا قليل ، وكم من إنسان حلف يمينا على القرآن الكريم كاذبة ليقتطع حق امرئٍ مسلم ؟
إن أيّ إنسان يحلف يمينا غموساً ليقتطع به حق امرئٍ مسلم فقد اشترى بعهد الله وآياته ثمناً قليلاً ، وأيّ إنسان يعصي الله ليرضي مخلوق من بني البشر فقد اشترى بعهد الله وآياته ثمناً قليلاً ، وأيّ إنسان يرضي زوجته ويغضِب ربه فقد اشترى بعهد الله وآياته ثمناً قليلاً .
لو أردنا أن نتوسع في هذه الآية فهي واسعة جداً ، مثل : لو معك ورقة نقدية بمائة ألف دولار ، وقلبت على وجهها الأملس الأبيض ، فظننتها ورقة عادية ، وكتبت علها رقم هاتف ، ثم مزقتها ، ورميتها في سلة المهملات ، ولم تدر أن هذه ورقة مالية بمائة ألف دولار ، كيف تصاب بخيبة أمل ، ولا تعوض أبداً .
ورقة مالية موضوعة على الطاولة على وجهها الآخر الأبيض ظننتها ورقة عادية ، استخدمتها كورقة عادية لا تساوي قرشاً واحداً استخدمتها ، ثم مزقتها ، ورميتها في سلة المهملات ، وهي ورقة مالية تحل لك كل مشكلاتك المالية .
      هذا مثَلٌ للتقريب ، أيّ دين من أجل أن تسعد في الدنيا والآخرة بعته بمائة ألف ليرة ، إذا حكم إنسان بين اثنين ، وتلقى مبلغ مائة ألف ليرة مقابل أن يحكم لغير الحق ، الذي يضع يده على المصحف ، ويحلف يميناً كاذبة من أجل خمسة آلاف ليرة يأخذها كشاهد زور ماذا فعل هذا ؟ اشترى بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلاً .
       الأمثلة كثيرة جداً ، وأينما تحركت ، وأينما اتجهت تجد مسلمين يشترون بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلاً ، أي هذا الذي يؤثر متابعة عمل ساقط على حضور مجلس علم ، أي اشترى هذا المجلس بمتعة آنية مثلاً ، اشترى بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلاً .
أسباب نزول هذه الآية صارخ ، فإن هؤلاء كانوا قد آمنوا برسول الله عليه الصلاة والسلام ، فلما تضاربت مصالحهم مع إيمانهم تخلوا عن إيمانهم ، ونطقوا بالكفر ، من أجل مساعدة تنالهم من هذا الثري في عهد النبي .
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
 
﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ
( سورة النساء : من الآية 77)
      لو أنك ملكت الدنيا بأكملها ، لو أنك ملكت القارات الخمس ، لو أنك مهيمن على القارات الخمس معاً ، لو أن أموال الدنيا كلها في حوزتك ، ولو أن الدنيا جلبت لك من أطرافها ، لو أنك وصلت إلى المجد من كل جوانبه ، وخسرت الآخرة فقد اشتريت بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلاً .
هؤلاء الذين بلغوا قمم النجاح في الدنيا قد يكون نجاحًا ماليًا ، أو علميًا ، أو إداريًا ، وخسروا الآخرة ، اشتروا بعهد الله وإيمانهم ثمناً قليلا ، الدنيا قصيرة .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
 ( سورة التوبة )
        هذا الذي لا يلتفت إلى الدين إطلاقاً ، بل يلتفت إلى بناء نفسه ، وكسب المال الوفير ليشتري بيتاً مريحاً ، ويقترن بامرأة جذابة ، ويتمتع بكل مباهج الدنيا ، ولا يعبأ لا بكتاب ، ولا سنة ، ولا مجلس علم ، ولا طاعة ، ولا انضباط ، ولا سلوك فقد اشترى بعهد الله وأيمانه ثمناً قليلا .
أيها الإخوة ، إن عرفت الله ، وفاتتك الدنيا بأكملها فأنت الرابح الأول ، وإن ملكت الدنيا بأكملها ، وفاتتك معرفة الله فأنت الخاسر الأول .
 
4 ـ ينبغي لهذه الآية أن تفعل فعلها في نفوس المؤمنين :
 
أيها الإخوة ، هذه الآية ينبغي أن تفعل فعلها في نفوس المؤمنين ، لا يبيع دينه ولو أعطي أموال الدنيا تحت قدمه ، أعرف والله مؤمناً عُرض عليه مائة مليون ظنوا أنه يمتنع عن تسجيل مائة بيت أنشأها ، وباعها يمتنع عن تسجيلها لهم طمعاً بالمال ، فلما عرض عليه هذا المبلغ قال : لا أنا أخذت حقي ، وقبضت الثمن ، وربحت ، وليس لي عندكم شيء ، لم يبع دينه بمائة مليون ، والله المؤمن لا يبيع دينه ولا بمليار ، ولا بألف مليار ، لأن دينه يعني الأبد ، سعادة الأبد ، أما الدنيا فتنتهي ، عش ما شئت فإنك ميت ، هؤلاء الذين كسبوا أموالاً بالحرام ، وسكنوا بيوتاً رائعة ، وعاشوا حياة مترفة ، وأكلوا ، وشربوا ، وتنعموا ، وسافروا ، وركبوا أجمل المركبات ، وسكنوا أجمل البيوت ، وطافوا أطراف الدنيا ، ثم جاءهم الموت ، ونسوا ربهم .
والله سمعت عن إنسان عاش في بلد الحرمين ما صلى فرض صلاة خمساً وثلاثين عاماً ، ولا حج ، ولا اعتمر ، وقد جمع ما يزيد على أربعة آلاف مليون ! مات بسكتة في فندق في أوروبا في الخامسة والخمسين ، هذا اشترى بعهد الله وإيمانه ثمنا قليلا ، هذا الذي ينكب على الدنيا ، ولا يعبأ بالدين ضيع آخرته من أجل الدنيا ، هذه الآية واسعة جداً يمكن أن تفهمها فهماً موسعاً جداً بعموم القصد ، وقد تفهمها فهماً ضيقاً بأسباب النزول ، لكن حينما تؤثر الدنيا على الآخرة ، حينما تكسب من الدنيا وتضيع من الآخرة فأنت ممن تنطبق عليك هذه الآية .
       هذا الذي يروق له أن يبقى في بيت ليس له ، وعنده بيت آخر ، ولا يعبأ بعهده الذي عاهد عليه ، فقد اشترى بعهد الله وإيمانه ثمنا قليلا .
 
قصة وعبرة :
 
       سمعت هذه القصة ، وهي قديمة جداً ، قال تاجر من تجار البيوت : أعندك بيت للأجرة قال : لا ، أنا لا أؤجر ، أنا أبيع فقط ، ألح عليه مرتين أو ثلاثا فأجره بيتاً كاسداً ، قال : عهد الله علي إن طلبته مني لأسلمك إياه في أربع وعشرين ساعة ! مضت السنوات ، وارتفعت أسعار البيوت إلى درجة كبيرة ، وجاء من يشتري البيت بعشرة أمثال ثمنه في السابق ، فجاء هذا المؤجر للمستأجر الذي قطع عهداً على نفسه أن يسلم البيت في أربع وعشرين ساعة ، قال : أنا البيت بعته ، وأنا لا أطالبك بعهدك أن تسلمني إياه في أربع وعشرين ساعة ، معك ستة أشهر ، بعد ساعات لا تزيد على العشرين طرق باب المالك ، وقدم له مفتاح البيت ، صعق ، ودهش ! انطلق إلى البيت فوراً ، فإذا هو في أحسن حال ، التقى بأحد الجيران ، قالوا له : كم أخذ منك ؟ قال : واللهِ لم يأخذ شيئاً ، إلا أنه عاهدني أن يقدم لي البيت حينما أطلبه ، وقد طلبته ، فقالوا : لقد باع كل أثاثه بأبخس الأثمان ، وسكن في الفندق !
لو يوجد مسلمون بهذا المستوى فلن تجد أزمة سكن في بلدنا إطلاقاً ، لأنه عاهد ، اشتروا بعهد الله وأيمانه ثمنا قليلا ، هذه قصة لها تتمة فيها غرابة ، أن هذا الذي وجد هذا العهد من هذا المسلم كأنه استثار كل قيمه ، فذهب إليه ، وأعاده إلى البيت ، وباعه إياه بالثمن الذي سكن فيه أول مرة ، وجعل أجرته التي دفعها من ثمن البيت ! وتكفّل بتأثيث البيت على حسابه ، العهد ، ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له .
لو أن كل مسلم وقف عند عهوده ومواثيقه لكنا في حالة غير هذه الحالة ، لو أن المسلم فهم الدين وفاء بالعهد ، وإنجازاً بالوعد المسلم القديم الذي كان في زمن التألق فهو مستعد أن يخسر الدنيا بأكملها ، ولا ينقض عهده ، والمسلم المعاصر مستعد أن ينقض عهده ألف مرة ، ولا أن يخسر درهماً واحداً ، قيل لأحدهم في المحكمة : أتحلف ؟ وهو شاهد زور ، قال : أحلف ، فلما دخل إلى مجلس القاضي رأى مصحفاً على الطاولة ، فقال له القاضي : ضع يدك على المصحف قال : لحظة ، فعاد إلى الذي كلفه أن يشهد شهادة زور وقال : أريد عشرة آلاف ، وكان طلب منه خمسة آلاف ، قال : لأنه هناك يمينًا !
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
        والله هناك مؤمنون لو تعطيه مليارا لا يحلف كاذبًا أبداً ، هذا دين .
قد يكون الإنسان في أمسّ الحاجة إلى المال ، ويعرض عليه مال وفير تحل به كل مشكلاته ، لكن هذا المال ليس حلالاً فيركله بقدمه ، إن الله هو الغني ، حينما تجد مسلمين هكذا فلا يستطيع عدو أن يتحدى المسلمين ، حينما تجد مسلمين عند عهدهم ، ووعدهم ، ودينهم أغلى عليهم من حياتهم ، حينما تجد مسلماً لا يمكن أن يخون العهد ، ولا يخلف الوعد لكنا في حالة غير هذه الحالة ، لأسبغ الله علينا هيبة ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( ... نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ...)) .
( متفق عليه )
أما أمته من بعده فحينما خانت العهود ، ونقضت المواثيق هزمت بالرعب مسيرة عام ، قد تجد بلادًا أخرى تتحدى هذه القوة الغاشمة بالعالم تصمد وتواجه ، لكن المؤمن حينما يكون مع الله يكون قوياً ، أما حينما يعصي الله يضعف مركزه ، حينما يخون العهد ، ويخلف الوعد يصبح خائفاً ، يخاف من ظله ، هذه الآية وإن كانت في الأصل تعني أهل الكتاب ، لكنها تعني كل المسلمين اليوم ، حينما يكون دينك في المكان الأول ، ولا تساوم على دينك ، ولا على مبادئك .
 
5 ـ الحكم ظلما هو من اشتراء بعد الله والأيمان ثمنا قليلا :
 
 موقف مرن جداً لو سئلت عن إنسان ، وتوهمت أنك إذا ذممته تنال مكانة عند فلان تذمه ، وقد يكون الذي تنال عنده مكانة سيئاً فاسقاً منحرفاً بعيداً عن الدين ، الأمثلة لا تعد ولا تحصى ، لمجرد أن تقول غير الحق ، وأن تسكت عن الحق ، وتنطق بالباطل ، لمجرد أن تحكم حكماً جائراً لمصلحة ما ، كم من إنسان يحكم في أقربائه ؟ يكون ثمة خلاف زوجي ، حينما ينحاز الإنسان لابنته ، أو لأخيه ، أو لقريبه انحيازًا أعمى فقد خان الأمانة ، ينبغي ألا تأخذك في الله لومة لائم .
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
       أحياناً الثمن يكون قليلاً ، من أجل أن تتناول طعام الغداء بالمطعم ، أو في مكان جميل لا تصلي ، لا يروق لك أن يقال عنك : إنك ملتزم ، فلا تصلي ، وقد تجلس على مائدة فيها خمر طلباً للسلامة ، أنت دينك رخيص .
 
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
 
  أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
 
1 ـ الخَلاَق :
 
       الخلاق أيها الإخوة ، من الخلق ، وهو ثمن الجنة ، أنت في الدنيا تقلد الكرماء تتكرم إلى أن تصبح كريماً ، وذا خلق كريم ، تعطي براحة من دون صراع من دون شد ، وجذب ، هناك تكرم ، وهناك كرم ، هناك تحلم وحلم ، فالخلق الكريم ثمن الجنة ، أن تكون عفواً متواضعاً كريماً أميناً ، أن تكون صادقاً بلا جهد ، أصبح الكرم طبعاً من طباعك ، أصبح الصدق خلقاً ثابتاً عندك ، تصدق دون أن تدخل في مناقشة مع نفسك ؛ أصدق أم لا أصدق ؟ هذه في البدايات ، لأنه يكون هناك مجاهدة للنفس والهوى ، لكن بعد أن تنضج ، وتصبح مؤمناً ثابتاً تصدق ، لأنك تحب الصدق ، تكون حليماً لأنك تحب الحلم ، تكون منصفاً لأنك تحب العدل ، هذا الخلق الكامل الثابت العفوي الفطري هو ثمن الجنة ، وثمة إنسان يكون ذكيًا جداً ، وإنسان يأخذ موقفاً لطيفاً جداً خارج البيت ، أما إذا دخل البيت فهو الوحش الكاسر ، هذا كله تخلّق ، وليس خلقاً ، أما ثمن الجنة فهو الخلق الحسن .
        ((وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا )) .
[ ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو ]
(( بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ )) .
[ مالك في الموطأ ]
هؤلاء الذين يشترون بعهد الله ثمناً قليلاً خسروا ثمن الجنة ، أي خسروا الجنة .
 
2 ـ أهمية الأخلاق :
 
        لا شيء يمهد لك السبيل لدخول الجنة ، والتمتع بها إلى أبد الآبدين ، كأن تكون ذا خلق ؛ أمين ، صادق ، عفيف ، متواضع ، رحيم ، الكمال الإنساني إذا كان فيك طبعاً مع الثبات والاستمرار ، في البدايات الكمال تصنع ، لكن في النهايات الكمال طبع ، إنسان له باع طويل في الإيمان لا يمكن أن يكذب ، وحينما يُسأل ليس هناك شيء اسمه صراع ، أصْدق أم لا أصدق ؟ ألم يقل الله عزوجل :
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ
 (سورة القلم: الآية 4)
( على ) أي متمكن من هذه الأخلاق ، ثمن الجنة أن تكون الأخلاق الكاملة طبعاً ثابتاً فيك ، فهذا الذي يشتري بعهد الله وإيمانه ثمنا قليلا هذا خسر ثمن الجنة .
 
﴿أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ
 
  أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ
 
1 ـ تكليم الله للمؤمن وعدم تكليمه للكافر يوم القيامة :
إبعاداً لهم عن ذاته العليا ، هم أحقر من أن يكلمهم الله عز وجل ، أما المؤمنون حينما يساقون إلى الجنة وفداً وزمراً تنقل لهم الملائكة سلام ربهم لهم !
 
﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
 (سورة الزمر : من الآية 73)
 
2 ـ الله لا ينظر للكافر ، والكافر محجوب عن رؤية الله :
 
هؤلاء يكلمهم الله يوم القيامة ، يسمح لهم أن ينظروا إلى وجهه الكريم ، وقد أجمع العلماء على أن قوله تعالى :
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ
 (سورة يونس : من الآية26)
الزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم ، والحسنى هي الجنة ، وما الذي فوق الزيادة أن يرضى الله عنهم .
﴿وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ
 (سورة آل عمران : من الآية 15)
فثمة دخول الجنة ، ثم النظر إلى وجه الله الكريم ، ثم إن الله الكريم يرحب بهم ، ويمنحهم رضوانه ، ويكلمهم ، فهؤلاء نالهم أشد عقاب في تاريخ البشر .
 
﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ
       أضرب مثلاً للتقريب .
﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى
 (سورة النحل : من الآية 60)
لو أن إنسانًا عظيمًا ، في أعلى مستوى ، وعنده حاجب ، لو أنه قال لهذا الحاجب : كيف حالك اليوم ، هل أنت مسرور ؟ هل تحتاج إلى شيء مني ، هذا الحاجب يبقى سنة مترنمًا بهذه المودة من سيده ، أو إنسان عنده منصب خطير ، وعنده سائق ، والسائق مؤدب جداً ، هذا السائق حينما يخاطبه سيده بكلام لطيف ؛ كيف حالك اليوم يا بني ، هل أنت مسرور ؟ أهلك بخير ؟ أولادك بخير ؟ يلزمك شيء ؟ مثلاً ، يبقى هذا ثملاً بهذه الكلمات الطيبة :
 
﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى
 (سورة النحل : من الآية 60)
فكيف إذا كنت في الجنة ، وخاطبك الله عز وجل ؟ وسمح لك أن تنظر لوجهه الكريم ، وفي بعض الآثار أن المؤمنين يغيبون عن الوعي خمسين ألف عام من نشوة النظرة :
 
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
(سورة القيامة : 22-23)
     أما الطرف الآخر والعياذ بالله :
 
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ
 (سورة المطففين : 15)
والله أيها الإخوة ، عندنا قصص كثيرة في القرآن ، سيدنا إبراهيم ، وهو في النار كان في قمة السعادة ، لأنه حظي بالسكينة ، وجدها إبراهيم في النار ، وجدها أهل الكهف في الكهف ، تركوا الدور والقصور ، ولجؤوا إلى الكهف .
 
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا
 (سورة الكهف : من الآية 16 )
وكل واحد مؤمن إذا جاء إلى بيت الله ، وجلس يحضر درس علم ، ثم ذهب إلى بيته ، والتقى بأولاده ، وكان مع الله قد يكون البيت صغيرًا ، ضيقًا ، بعيدًا ، لا يوجد مرافق عالية ، ولا أجهزة كهربائية ، لكن يوجد اتصال بالله ، يوجد أنس بالله ، ورضوان منه ، قد يتجلى الله على سكان بيت متواضع ، وربما لا يتجلى على سكان بيت فخم جداً ، الأولون في سعادة ما بعدها سعادة ، والآخرون في شقاء ما بعده شقاء .
 
﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ
 
 وَلَا يُزَكِّيهِمْ
 
لا يطهرهم من أدناسهم ، لو أنهم أقبلوا عليه لطهرهم ، ونمّى إمكاناتهم ، وأعطاهم من عنده شيئاً كثيراً ولقربهم .
 
﴿أُوْلَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ
        قال رجل لسيدنا عمر ، وكان عمر لا يحبه : << أتحبني ؟ قال : والله لا أحبك ، لا تلزم المجاملة ، فهو صريح ، قال : وهل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي ؟ قال : لا والله ، حقك يصلك ‍! فقال هذا الإنسان السفيه : إنما يأسف على الحب النساء >> ، ما دام حقي يصل إلي فلا تهمني محبتك ، قال : لك ما تريد ، هنا قد يقول أحد : لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ، خير إن شاء الله أكمل :
 
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
 
 وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
 
عذاب لا ينفد ، إذا كان زاهداً في الكلام ، والقرب ، والنظر ، وبالتزكية ، لكن له عذاب أليم  ، بربك من هو الناجح في الحياة ؟ من هو الذي ؟ من هو العاقل ؟ من هو المتفوق ؟ من هو الموفق ؟ من هو المفلح ؟ من هو الذي له يوم القيامة مقام عند الله ؟
 
﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ(54)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ
 (سورة القمر: 54-55)
هؤلاء الذين لهم عند الله حظوة هم الأذكياء ، هم ملوك الدار الآخرة ، هؤلاء الذين لهم عند الله مكانة ورفعة ، هؤلاء الناجحون ، لذلك دخل على رسول الله صحابي فقير جداً ، فوقف له النبي ، ورحب به ترحيبًا غير معقول ، وقال : أهلاً بمن خبرني جبريل بقدومه ، قال : أو مثلي ؟ من أنا ؟ قال : يا أخي خامل في الأرض ، علم في السماء .
قد يكون الإنسان ضارب آلة كاتبة في دائرة ، أو حاجبًا .
والله مرة كنت في مؤتمر ، والإقامة من أرقى فندق ببلد في المغرب ، سمعت عند صلاة الفجر آذنًا أو عاملا يصلي الفجر بصوت ندي ، والله شعرت أن هذا الذي يصلي بصوت ندي ، ويتلو كتاب الله ، ويتغنى به في الصلاة قد تكون قلامة ظفره خيراً من كل من في الفندق ، مقاييس الله غير مقاييسنا ، نحن عندنا المقاييس بالمال ، والمراتب الاجتماعية ، رجل يفتخر بمتاع الدنيا فقط ، قد يفتخر برقم على مركبته ستمائة ، وليس مائتين وثمانين ، قد يفتخر بمنطقة سكنه ، ومن تخلف المسلمين يفتخرون بمتاع الدنيا فقط ، مكانته من نوع بدلته بيار كاردان ، انتهى ، مكانته من حذائه ! فقط ، هذا حال المسلمين اليوم ، أما أن نفتخر بمعرفتنا لله ، وبطاعتنا له بالمال الحلال الذي نكسبه فقط ، الحرام يركل بقدمنا .
 
  خاتمة :
 
       أيها الإخوة ، هذه الآية يحتاج المسلمون إلى فهمها فهماً دقيقاً ، وإلى العمل بها أيما حاجة ، فالدين هو الأول ، والمبادئ هي الأولى ، والقيم هي الأولى ، وأي شيء على حساب مبادئك ، ودينك ينبغي أن تركله بقدمك ، وما ترك عبد شيئًا لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه .
 
 
والحمد لله رب العالمين
 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب